أشعل تلويح «حزب الله» باستيراد المحروقات من إيران، اشتباكاً دبلوماسياً مباشراً ونادراً بين سفارتي الولايات المتحدة الأميركية وإيران في بيروت، حيث ردت السفارة الإيرانية على تصريح للسفيرة الأميركية دوروثي شيا، اعتبرت فيه أن إيران تريد لبنان دولة تابعة تنفذ فيها أجندتها.
وهاجمت السفارة الإيرانية في بيروت السفيرة شيا، وقالت في تغريدة: «وصول ناقلات النفط الإيرانية إلى بيروت بغنى عن تفاهات السفيرة الأميركية. لا ينبغي للسفيرة أن تتدخل في العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين الإيراني واللبناني».
ورغم أن بعض التفسيرات وجدت في التغريدة إعلاناً عن وصول النفط الإيراني إلى بيروت، فإن السفارة الإيرانية قالت، في إيضاحات لاحقة لوسائل إعلام محلية، إن التغريدة جاءت في إطار الرد السياسي، فيما أوضحت المديرية العامة للنفط، في بيان، أنها «لم تتسلم أي طلب إجازة من أي جهة رسمية كانت أو خاصة، لاستيراد النفط من إيران».
وقال أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، أول من أمس، إن «كل المقدمات الإدارية واللوجيستية بخصوص استيراد البنزين والمازوت من إيران إلى لبنان وتوزيعه قد أنجزناها وهذا الوعد ما زال قائماً». وقال إن «الأمر يحتاج إلى إذن حركة»، مضيفاً أن ذلك لن يتم عن طريق البنك المركزي لتجنب العقوبات.
ويعد هذا الاشتباك الدبلوماسي الإيراني – الأميركي في بيروت نادراً، وأشعلته قضية تلويح «حزب الله» باستيراد المحروقات من إيران في حال فشلت الحكومة اللبنانية في إيجاد حل لأزمة انقطاعها. ويرى مدير «معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية» الدكتور سامي نادر أن «الاشتباك أساساً واقع على مستوى الحكومتين الأميركية والإيرانية، وقد انفجر هنا»، لكنه ينظر إليه على أنه «محدود»، بالنظر إلى أن السفيرين في النهاية يتبعان تعليمات حكومتيهما، ولا يستطيع أحدهما الخروج عن خط حكومته.
وقالت السفيرة الأميركية، في تصريحات تلفزيونية، أول من أمس، إن استيراد الحزب للمحروقات من إيران «ليس حلاً»، مؤكدة أنه «في حال تخلص اللبنانيون من الفساد المستشري في قطاعي الطاقة والكهرباء فستُحل نصف المشكلة على الفور». ورأت أن إيران «تتطلع إلى لبنان بوصفه نوعاً من دولة تابعة يمكنها أن تستغلها لتنفيذ جدول أعمالها»، لافتة إلى أن «توفر حلول، أفضل بكثير من اللجوء إلى إيران».
وحملت تصريحات السفيرة شيا مؤشرين سياسيين؛ أولهما رفض الولايات المتحدة استيراد المحروقات من إيران، علماً بأن قطاع النفط الإيراني مقيد بعقوبات أميركية، وثانيهما أنها تنظر إلى الاستيراد بوصفه محاولة إيرانية للدخول إلى المشهد اللبناني من باب النفط.
ويقول نادر إن لبنان ليس على جدول أعمال المفاوضات الإيرانية – الأميركية في فيينا، مشيراً، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الملف اللبناني «ومع أنه مرتبط في جانب منه بالإقليم، فإنه ليس أولوية بالنسبة للطرفين، ولم يتم التطرق إليه كثيراً في محادثاتهما» في فيينا، وهو ما يجعل الاشتباك الدبلوماسي في بيروت لافتاً. وقال نادر إن الجزئية المرتبطة بالملف اللبناني جاءت على لسان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في محادثاته مع وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان. ورأى نادر أن تبرير نصر الله لاستيراد المحروقات من إيران وفق قاعدة أن يستورد كل طرف لبناني للمحروقات من دول حليفة له، هو بمثابة «نعي للدولة المركزية ولمنطق الدولة».
ويعاني لبنان من أزمة شح في الوقود دفعت اللبنانيين للوقوف طويلاً في صفوف الانتظار أمام محطات التوزيع. وهدد «حزب الله» باستيراد النفط من إيران، وهو عرض يعارضه كثير من القوى السياسية اللبنانية. وقال نصر الله، مساء أول من أمس، إن لبنان سيحصل على الوقود من إيران «بالمجان»، مضيفاً أنه يؤيد أن يستورد أي فريق يعارض استيراد المحروقات من إيران، المحروقات من بلدان لا تعود بالعقوبات على لبنان، متهماً معارضي الخطوة بأنهم يريدون الانتقاد وتصفية الحسابات.
نذير رضا في “الشرق الأوسط”