3200 كلمة لباسيل في مؤتمره الصحافي يوم أمس.. ولم نعرف حقيقة أزمته وما يريد

تلا جبران باسيل أكثر من 3200 كلمة في مؤتمره الصحافي ظهيرة يوم أمس، ولم نعرف حقيقة أزمته. وماذا يريد:

هل يريد تعديل الدستور؟ وهل يملك فعلاً مشروع إصلاحات سياسية سيضعها على طاولة المفاوضات حين يحين زمانها؟ وهل هي فعلاً “دولة مدنية تحمي التنوّع بنظام لامركزيّة ادارية ومالية موسّعة، (وبكل وحدة ادارية، الناس بينتخبوا ادارتهم وبيجمعوا الضرائب المحليّة، وبيقرروا وبينفذوا خطط الانماء المحلي. وكل وحدة ادارية بتنسق مع وزارة التخطيط العام المشاريع الوطنية الكبرى يلّي بتتموّل من الضرايب المركزية وبتنفذّها الحكومة المركزية يلّي بيشرّع لها وبيراقبها مجلس نواب منتخب وطنياً ومجلس شيوخ منتخب طائفياً؟)”.

أم يسعى إلى التفاهم مع رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على ما يعتبره مشروعه الإصلاحي، الذي أهمله في التسوية الرئاسية حين وضع يده بيد الحريري متناسياً كل سلوك الرجل وتاريخه السياسي؟

هل يريد فعلاً المشاركة في الحكومة ليفاوض على عدد الوزراء؟ أم أنّه سيبقي ورقة الثقة في جيبه ليسهل عليه التصويب على الحكومة مع انطلاق السباق النيابي، ومع ذلك سيفرض حصول رئيس الجمهورية على عشرة وزراء؟

أم هو الثلث المعطّل الذي يؤرق عينيه؟

أم هي حرب الشعارات – المعطّلة فيتبارى كلّ فريق في ابتكار عقدة جديدة لتأجيل التأليف لأنّ الفريقين، “العوني” و”المستقبلي” مقتنعان وكل لأسبابه، أنّ زمن التأليف لم يحن بعد؟

أم قرر الاستفادة من الوقت الضائع ليفتتح معركة “الاقتتال” على المقاعد المسيحية النيابية؟

ومع ذلك، يجوز تسجيل بعض الملاحظات على هامش المواقف التي أدلى بها رئيس “التيار الوطني الحر”:

يشي التصعيد الذي اعتمده باسيل بوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بالدرجة الأولى، بأن لا حكومة في المدى المنظور، اذ قال باسيل إن “السيد حسن استعان بدولة الرئيس برّي كصديق له ليقوم بمسعى حكومي (وليس بمبادرة لأن لا عناصر لهذه المبادرة او على الأقل ما منعرفها ولا مرّة تبلّغناها). ولكن منعتبره مسعى وجهد مشكور اذا كان متوازن وعادل، يعني اذا كان في “وسيط نزيه”، وبيصير غير مرغوب فيه، اذا طلع منحاز ومسيء لنا، متل ما تظهَّر مؤخراً”. ثم طالب بتعديل النظام الداخلي لمجلس النواب لتحديد المهل والغاء كل استنسابية بموضوع طرح القوانين واقرارها وغيره.

وما يزيد من هذا الاحتمال هو دفع رئيس “التيار الوطني الحر” باتجاه تفعيل حكومة تصريف الأعمال وكأنها باقية إلى أجل غير محدد من خلال تنفيذ خطتها الاصلاحية التي ضربت من قلب البيت العوني لا من خارجه.

يحاول باسيل ملء الفراغ الحاصل بإطلاق حملات شدّ العصب المسيحي، وأبرزها الكلام عن “معركة الوجود”، وقد تجاهل الرجل أنّ معركة الوجود السياسي لا استثمار ولا معنى لها اذا ما كان الوجود الديموغرافي مهدداً، وهو ما يحصل راهناً بسبب النزيف البشري الحاصل لا سيما في أوساط الطبقة الوسطى التي تشكّل دينامو المجتمع، ومن دون أن يوضح كيف لهذا الوجود أن يصير مصاناً اذا حصل فريقه على عشرة وزراء، وهو الذي سبق له أن وضع في جيبه أكثر من ثلث معطل وفي أكثر من حكومة.

تحدث عن طاولة حوار وطني، بعد كل الانتقادات التي وجهها إلى معظم القوى السياسية، مع العلم أنّ بعض العونيين كانوا يتحدثون عن توجه لدى رئيس الجمهورية للدعوة إلى هذه الطاولة، لكنه عدل عن الفكرة بعد الاشتباك السياسي الذي وقع مع رئيس المجلس.

باختصار، انتقل باسيل من التبرير والدفاع الى الهجوم بعنوان “مسيحي” سواء بوجه “القوات” أو في ما يتصل بصلاحيات رئيس الجمهورية، التي يعتقد المطلعون على مفاوضات “الطائف” أنه محق في طرحها وهي باتت اشكالية شديدة التعقيد في التأليف، وتفتح باب تعديل النظام على مصراعيه. ولكن بالنتيجة، لا حكومة في المدى القريب.

كلير شكر في “نداء الوطن”