أدهم السيد… ورحلة المقاومة في ووهان

العربي المستقل

كتبت فاطمة برجاوي

 

على مبدأ أنّ النصر عادةً ينبضُ من رحمِ المسؤولية، إنتصر أدهم في حرب إيصال المعلومات التي لطالما سعى إلى إظهار الجانب الحقيقي منها.
في ووهان مدينة الوباء، أو مدينة الأشباح كما سمّيت آنذاك، اختار أدهم السيّد، من بلدة برجا الجنوبية، وطالب الدكتوراه في الإقتصاد الكمّي، أن يبقى ومن دون ترددّ في منطقة الخطر، ليخدم البلد الذي احتضنه، ويعكس الحقيقة من قلب الحدث، مراسل مناضل من أرض الوباء.

ماذا يقول أدهم اليوم ل العربي المستقل عن تجربته، بعد أن أنهى دراسته وأصبح دكتوراً بتقدير جيّد جداً؟

_لماذا اخترت البقاء؟

كان هناك شقّان يخصّان موضوع بقائي في ووهان.. الأول وهو الشقّ الصحّي، ففي الأساس لم أكن أعرف ما معنى وباء وعزل مدينة او بلد بأكمله! أمّا الشقّ الثاني فهو الإنساني، فبطبيعتي أحلّل كل شي سياسيّاً، وكنت على دراية بأنّ أميركا لن تفوّت هكذا فرصة لتشويه صورة الصين.. وهنا بالذات يأتي دوري!

ففي أوّل يومين، وعندما فهمت ما هو هذا الفايروس، كان قراري واضحاً وهو البقاء.

_برأيك هل استطعت ان تعكس الحقائق التي تبحث عنها؟

في البداية لم أتخيّل أنني سأنجح في إيصال الفكرة التي كنت أريد أن يراها العالم، لكنني كنت على يقين أنني سأبذل ما بوسعي لإظهار الحقيقة كما هي، وهذا شيء لم يُطلَب منّي، بل كان قراراً شخصيّا نابعاً من محبّتي لمدينة ووهان وسكانها.. شعرت أنّه عليّ أن أنقل الصورة ولهذا شرعتُ في تسجيل مقاطع الفيديو مباشرة عن الطريق أو من المنزل، و بالنسبة لي كان من الواضح أن الصين ستنتصر على هذا الوباء لأنها دولة اذا تكلّمت فعلت!

_كيف تصف التضخيم الإعلامي الذي واجهته الصين في تلك الفترة؟

ليس مخفيّاً أن أميركا في حرب معلنة مع الصين، وأنها ستستغل الوباء من أجل ضربها إقتصادياً، والدليل التهويل الإعلامي حول أن الصين صنعت الڤايروس! مع العلم أنّه لا يوجد أي دليل علمي حتّى اللحظة على أن المرض له علاقة بمختبر أو أنه من صنع الإنسان، لذلك كان من الصعب عليّ رؤية كل هذا الظلم في حق الصين والتي لطالما أحسنت معاملتي دون أن أحرّك ساكناً! خصوصاً أن الإعلام الصيني لا يستطيع مخاطبة العالم العربي كما الإعلام الأميركي، لذلك حاولت قدر الإمكان إيصال الصورة كما هي لأنه ومع الأسف لدينا فجوة كبيرة بالمعرفة، لأننا ننتظر النتيجة دون أن نحاول أن نبحث عن السبب.

_”هكذا كانت ووهان” كيف أتت فكرة الكتاب؟

في ظل الجوّ العام، وآلاف المقابلات والإتصالات التي تلقيّتها من أجل منشوراتي على مواقع التواصل الإجتماعي، كنت على إتصال دائم مع أصدقائي في الوطن، وطُرحت فكرة الكتاب بأنّه من الضروري أن أوثّق التجربة التي مررت بها وأنّه عليّ أن أكتب تاريخي بيدي، فبعد أن فتحت ووهان شوارعها في ٨ نيسان وانتهى الحجر، بدأت بالكتابة بعد يومين أي في ١٠ نيسان، والغريب أنه في أول ليلة كنت قد كتبت أول ١٥٠ صفحة من الكتاب!
“كانو إيديّي عم يكتبو لحالن من دون ما فكّر”

ما الذي يميّز الكتاب عن غيره؟

كلٌّ منّا لديه قصة يحكيها، فإذا أردتِ قراءة الكتاب، سترين أنّك دخلت على صفحتي على فايسبوك مثلاً، فهو ليس روايةً أرويها، بل مجموعة معطيات ودراسات قمت بها إلى جانب تجربتي الشخصية في ذاك الوقت.
في الكتاب، يومياتي في ووهان وكيف كانت من منظوري الشخصي، من ثم ستذهبين في جولة من بيانات و أبحاث علميّة مفيدة، وأيضاً ستجدين نقاشاً سياسيّاً عن رؤيتي للواقع الصيني الأميركي، والحملات الإعلامية المفبركة، وخلفيّات وصراعات لحقيقة ما جرى في ووهان والعالم.

_هل لديك مشاريع مقبلة في الكتابة؟

أنا لا أسمّي نفسي كاتباً للصراحة، ولا أكتب بداعي المتعة، بالنسبة لي الكتابة هي جزء من صراع، ومن دون دافع معيّن أو وجود قضيّة ليس هناك حاجة للكتابة بالأصل.

أمّا الآن فليس هناك فكرة أو قضيّة معينة في رأسي أودّ مناقشتها أو الكتابة عنها، وليس هناك أي عمل قريب لي في هذا المجال.

_هل شعرت للحظة بالندم على قرار بقائك؟

الحياة هي مجموعة من القرارات، ونحن علينا أن نتحمّل مسؤوليّة تلك القرارات، وبالطبع نتج عن بقائي خسائر و أرباح..
الخسائر كانت على الصعيد الشخصي، وإنّي أدفع ثمن البقاء حتى الآن، فهذه أطول فترة أعيشها بعيدا عن أهلي وعائلتي، أما الأرباح فهي واضحة: أنهيت الآن دراستي وتخرجت بدرجة جيّد جداً، ولا أندم للحظة على قرار بقائي في ووهان، وحتّى أنّي بدأت بتلقّي عروضات العمل، ولكن لم أتخذّ قرارا حتى اللحظة في هذا الموضوع.