مرض نادر جدا يودي بحياة دكتور لبناني قبل تخرجه بشهر

لم تنصفك الحياة، ولم يتسنَ لك أن تحقق ما كنت تحلم به، كان مرضك سريعاً وقاسياً، غريباً وموجعاً. أنتَ الذي بذلت نفسك لإنقاذ الآخرين، لم تُسعفك كل المحاولات الطبية من زملائك في المستشفى على إنقاذك. صورك التي انتشرت في الساعات الماضية تختصر وجع الموت، رحيل مؤلم لشاب يعشق الخدمة ويهوى الرسم والموسيقى… انطفأ كل شيء بعد أن أغمضت عينيك إلى الأبد.
مرض نادر ألمّ بك، لم يكن الوقت حليفك، كان كل شيء سريعاً وكأنك استعجلت الرحيل باكراً. لم أكن أعرف بك قبل ليل أمس، إلا أن صورتك وكلمات أصدقائك وكل من عرفك هزّني. ماذا حدث له؟ صدمة موتك أيقظت الشجون، وبقيت الأسئلة تتوالى قبل أن تكشف عمق الجرح ونزيفه.
كلمات كثيرة قيلت في غيابك، لقد تركت أثراً كبيراً في نفوس كثيرين، مؤثر جداً ما خلّفه موتك في قلوبهم، ومرضك قاس لا نعرف عنه الكثير. نادر كل ما حدث لك، 3 أسابيع قبل أن يخطفك الموت… يا لسخرية الحياة!
يصعب على ابن خالته الحديث، استرجاع الذكريات مؤلم لمن خسرناه على غفلة. يروي باخوس نجيم لـ”النهار” ما جرى مع الدكتور مارك مسلم قائلاً : “عانى من ارتفاع حرارة وغثيان، وكشفت الفحوص الطبية انخفاضاً في الكريات البيضاء. لم يكن هناك ما يدعو للقلق، هذا ما ظنناه، قبل أن يعاني توقفاً في القلب فجأة ويسقط أرضاً. نُقل مارك إلى مركز الشمال الاستشفائي حيث نجح الأطباء في انعاشه وإبقاء حالته مستقرة.”

وبعد اتصالات وتنسيق بين مركز الشمال الاستشفائي ومستشفى الروم حيث يعمل مارك، توجه فريق طبي إلى زغرتا لنقله إلى الأشرفية لمتابعة حالته عن كثب. ويضيف باخوس “اجتمع الأطباء هناك وشخصوا حالته بالنادرة، حيث تبين أنه يعاني من متلازمة ماس MaC -MACROPHAGE ACTIVATING SYNDROME وهو نادر جداً.

وعلى الرغم من خصوع مارك لبروتوكول علاجي خاص بالمرض، إلا أنه لم يتجاوب على العلاج، وبعد ثلاثة أسابيع على وجوده في المستشفى، توفي مارك وترك الجميع في ذهول وصدمة كبيرين.
برأي باخوس: “ما جرى مع مارك غريب ونادر، فتوقف القلب لم يكن له علاقة بمرضه، إلا ان كل الانتكاسات الصحية تزامنت في الوقت نفسه. وبعد نجاح الأطباء في إنعاش قلبه، إلا أنه غادرنا بسرعة، خصوصاً أننا لم نسمع عن مرضه من قبل. لقد حاول الأطباء في الشمال كما في بيروت على فعل المستحيل، وكل المحاولات الإنقاذية والإسعافات لم تشفع في إنقاذه. هذا الاهتمام الطبي والبشري به فاق التوقعات، إلا أن رحيله كان أقوى من كل شيء”.
يتحدث ابن خالته عن مواهبه وخدمته: “هو شاب موهوب، يرسم بشكل رائع، ويعزف على القيثارة، وعضو في الكشافة المارونية. كان يحلم بالسفر إلى ألمانيا لمتابعة تخصصه الطبي، ولقد تعلّم اللغة الألمانية لتحقيق هدفه. كان يتحضر للتخرج هذا الشهر بعد 7 سنوات من دراسة الطب، لقد غدره المرض وسرقه من عائلته وأصدقائه وأحلامه. لقد كان شخصاً رائعاً، خدوماً، لقد بكر الرحيل، وفاته قاسية وموجعة”.