لقد خرجت الأمور عن السيطرة الإسرائيلية

ذكر تقرير نشره موقع “صوت أميركا” أنّ المواجهات الدائرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية منذ 10 أيام “فاجأت” العديد من المراقبين للصراع منذ سنوات، حيث أكّدوا أن هذه المواجهات تختلف عن غيرها من المعارك السابقة.
ونقل التقرير عن الباحث في معهد “تشاتام هاوس” البريطاني، يوسي ميكيلبيرغ، قوله إنّ “أبرز هذه الاختلافات أن حركة “حماس” تهاجم بضراوة مدن مكتظة بالسكان داخل إسرائيل، في مقدمتها تل أبيب والقدس وعسقلان”.

وبحسب الجيش الإسرائيلي، فقد أطلقت الفصائل الفلسطينية اكثر من 3100 صاروخ من قطاع غزة باتجاه إسرائيل، وهي أعلى وتيرة إطلاق صواريخ تستهدف إسرائيل.

ويرى دبلوماسيون غربيون أن “تمادي حركة “حماس” في استهداف المدن الإسرائيلية قد يكون بسبب تحول في ميزان القوى داخل الحركة”. ويقولون إن “هناك انقسامًا آخذًا في الاتساع داخل قيادة “حماس” بين الزعيم السياسي للحركة في غزة، يحيى السنوار، الذي يفضل متابعة الدبلوماسية في محاولة للتوصل لهدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، والقائد العسكري في غزة محمد ضيف”.
ويؤكد دبلوماسيون أن “ضيف وإسماعيل هنية، الزعيم السياسي العام لحركة “حماس” والمقيم في قطر، من دعاة المزيد من المواجهة”.

وكان مصدر إسرائيلي قال لموقع “الحرة”، الجمعة، إن “إسرائيل لم تتخذ قرارا بعد بإسقاط “حماس” في القطاع، وأنه في حال اتخذ هذا القرار من قبل الحكومة، فيقدر المصدر أن مثل هذه العملية ستستغرق 12 ساعة”، ولكنه أشار إلى أن تداعياتها من ناحية الخسائر بالأرواح ستكون كبيرة للغاية.

أما الفارق الثاني، فهو أنه لأول مرة تدين عدد من الدول الهجوم الصاروخي الإسرائيلي على قطاع غزة، وتطالبها بضبط النفس، خاصة بعد استهداف مبنى يضم عدد من وسائل الإعلام الدولية مثل “الجزيرة” و”أسوشيتد برس”.

فقد تبنت بريطانيا موقفاً منتقداً بشكل ملحوظ تجاه إسرائيل. وقال المتحدث باسم رئيس الوزراء بوريس جونسون “نشعر بقلق عميق إزاء تقارير الأمم المتحدة التي تفيد بأن 23 مدرسة و500 منزل وكذلك منشآت طبية ومكاتب إعلامية تعرضت للتدمير أو الإضرار”. وأضاف أن “إسرائيل يجب أن تبذل قصارى جهدها لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين”.

أما الاختلاف الثالث فهو العنف داخل حدود إسرائيل بين المواطنين العرب في المدن المختلطة، الذين شاركوا في الاحتجاجات الأسبوع الماضي ضد الحكومة الإسرائيلية على نطاق لم تشهده البلاد منذ عام 1948، والمواطنين اليهود المسلحين.

وقال شالوم ليبنر، المحلل في مؤسسة “أتلانتيك كاونسل”، ومستشار سابق لسبعة رؤساء وزراء إسرائيليين متتاليين، إن ما حدث “أمرٌ مثيرٌ للقلق”. وأشار إلى أن الاشتباكات في المدن المختلطة، بما في ذلك اللد ويافا وعكا، ترقى إلى “اضطرابات محلية غير مسبوقة” وتهدد التعايش بين مختلف الديانات داخل إسرائيل.

وتابع: “يأتي هذا الاتجاه السلبي في أعقاب ما كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه اندماج أكبر لعرب إسرائيل في الحياة المدنية”. وأكد أن “السماح لحماس بدق إسفين بين المواطنين العرب واليهود في إسرائيل سيكون خسارة كبيرة للطرفين (العرب واليهود)”.

ويعتقد آخرون أن الاضطرابات في المدن الإسرائيلية قد يكون لها تداعيات على المدى الطويل على الشكل المستقبلي لدولة إسرائيل. ووصف آرون ديفيد ميللر، المحلل في معهد كارنيغي للسلام الدولي، وهي منظمة أبحاث سياسات عامة مقرها واشنطن، الأمر بأنه “مرعب”. وقال: “لقد خرجت الأمور عن سيطرة الحكومة الإسرائيلية وهذا ما يقلقهم”.

وكانت المرة الأخيرة التي اندلعت فيها اضطرابات خطيرة بين 1.9 مليون مواطن عربي في إسرائيل في تشرين الأول 2000، عندما رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل، آرييل شارون، تحت حراسة مسلحة في القدس من المسجد الأقصى إلى جبل الهيكل، أقدس موقع في اليهودية، لتأكيد “ملكية اليهود للموقع”. لكن العنف اقتصر على القدس ولم ينتشر إلى مدن وبلدات أخرى بخلاف هذه المرة.