العقوبات الفرنسية والأوروبية والبريطانية بالتنسيق مع واشنطن على الطبقة السياسية

لا يبدو ان العطل الرسمية والدينية المتعاقبة في لبنان من شأنها ان تقدم او تؤخر شيئا في واقع سياسي مشلول أساساً، ولا يشعر المتسببون به والممعنون في إبقائه على وهم انهم سيجنون مكاسب منه، انهم في حاجة الى أي ذريعة لتبرير مؤامرة التعطيل المكشوفة والمعروفة الأهداف، ولو أدت الى تقويض لبنان في أسوأ واخطر إنهيار تعرض له. بذلك ستتمدد عطلة الفطر عملياً من اليوم الى بداية الأسبوع المقبل من دون انتظار أي تحرك داخلي او خارجي متصل بأزمة تشكيل الحكومة التي توحي تحركات بعض المسؤولين والمراجع بانها صارت لديهم طي النسيان وسط سياسات الانكار التي يتبعونها. من ذلك مثلا ان يبشر رئيس الجمهورية ميشال عون امس بإمكانات تعويم السياحة اللبنانية المدمرة اسوة بكل القطاعات الإنتاجية فيما يغيب السؤال والجواب عن موعد الافراج عن حكومة انقاذية قد لا تزال تكون أمامها فرصة محدودة للغاية في انقاذ ما يمكن إنقاذه متى قرر العهد مغادرة سياسات الانكار ونفي مسؤوليته الساحقة عن تعطيل تشكيل الحكومة!

وفي أي حال، يجزم معنيون بما كان يجري من مشاورات سابقة حول الازمة الحكومية ان كل الرهانات اوالشائعات او الأحاديث عن مبادرات او استعدادات  جديدة لتحريك الملف الحكومي سقطت، ولا وجود الان لاي تحرك جدي في ظل قطيعة سياسية وشلل لا سابق له. بل ان هؤلاء المعنيين يلفتون الى ظاهرة غريبة مفادها ان كل الضغوط الخارجية المتعاظمة على الطبقة الحاكمة والطبقة السياسية عموما، تبدو بلا جدوى وحتى سلاح العقوبات التي يتحرك على المستويات الفرنسية والأوروبية والبريطانية لم يؤد بعد الى الفعالية الحاسمة باستثناء مسالة العقوبات الأميركية على “حزب الله” التي تكتسب خصوصية لم تتبدل طبيعتها ولا مفاعيلها بين الإدارة الأميركية السابقة والإدارة الحالية. لذا يحذر المعنيون انفسهم من تداعيات ستكون شديدة القسوة على الطبقة السياسية يوم يبدأ سريان العقوبات الفرنسية والأوروبية والبريطانية بالتنسيق مع واشنطن لانها ستكون المرة الأولى التي ستتكامل فيها شبكة تنسيق دولية مترامية للاقتصاص من معرقلي تشكيل الحكومة الإصلاحية التي تشكل مطلباً مزمناً وثابتاً للمجتمع الدولي كما من المتورطين في الفساد.
 وفي ما يؤكد هذا الاتجاه نقلت وكالة رويترز امس عن ديبلوماسيون أوروبيين أنّ الاتحاد الأوروبي يعكف على وضع عقوبات لفرضها على ساسة لبنانيين يرى أنهم يعطلون تشكيل حكومة، وستكون هذه أول عقوبات يفرضها الاتحاد على لبنان، حليفه في الشرق الأوسط، بسبب خيبة الأمل من سوء إدارة النخبة الحاكمة للبلاد.
ويسعى الاتحاد بقيادة فرنسا، الى تكثيف الضغط على الساسة اللبنانيين المتناحرين وسط أزمة مستمرة منذ عشرة أشهر أسفرت عن انهيار مالي وارتفاع شديد في معدلات التضخم وانقطاع متكرر في الكهرباء ونقص في إمدادات الوقود والمواد الغذائية.
ولم يبحث الاتحاد الأوروبي أسماء بعينها بعد، لاستهدافها بالعقوبات المزمعة، كما أنّ المجر استنكرت علنا جهود الاتحاد للضغط على الساسة اللبنانيين. لكنّ 6 ديبلوماسيين ومسؤولين في الاتحاد الأوروبي أبلغوا أنّ التحضير للعقوبات بدأ بالفعل من خلال العمل على ما يطلق عليه معايير الاختيار وذلك بعد أن اتفق وزراء خارجية الاتحاد يوم الاثنين على التحرك.
وبما أن العديد من الساسة اللبنانيين البارزين لديهم منازل وحسابات مصرفية واستثمارات في دول الاتحاد الأوروبي ويرسلون أبناءهم للدراسة في جامعات هناك، فإنّ سحب هذه الامتيازات قد يكون وسيلة لدفعهم لإمعان التفكير في الأمر.
وتقول باريس إنّها اتخذت إجراءات بالفعل لتقييد دخول بعض المسؤولين اللبنانيين أراضيها وذلك لتعطيلهم جهود معالجة الأزمة غير المسبوقة التي تمتد جذورها إلى عقود من فساد الدولة وتراكم الديون.
وقال ديبلوماسي بارز في الاتحاد الأوروبي إنّ “الصبر على الطبقة الحاكمة ينفد بشكل متزايد. لا يبدو أنهم يعيرون اهتماما لمصالح شعبهم. توقعوا اتخاذ قرار خلال ثلاثة أو أربعة أسابيع “.
وفي هذا السياق، تحدثت معلومات عن زيارة محتملة قد يقوم بها المفوض السامي للسياسة الخارجية في الاتحاد جوزف بوريل لبيروت لاستطلاع الأوضاع عن كثب بناء على اقتراح وزير الخارجية شربل وهبه وفي اطار تكوين مقاربة الاتحاد للاوضاع ككل، ضمن عنوان المساهمة البناءة لمساعدة لبنان.
                             لودريان والراعي
ولم تكن مسالة العقوبات غائبة عن الحركة الداخلية امس وكان من بينها لقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي السفيرة الفرنسية آن غريو التي زارته امس عقب زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان لبيروت الأسبوع الماضي . ونقلت غريو رسالة شفهية من الوزير لودريان الى البطريرك الراعي اكد فيها “تقديره الكبير للجهود والمبادرات التي يقوم بها في سبيل انقاذ لبنان من الإنهيار”. ونقلت غريو اجواء اللقاءات التي اجراها لودريان مع الطبقة السياسية اللبنانية في زيارته الأخيرة الى لبنان الى الراعي وذلك بناء على طلب خاص منه.
كما ان وزير الخارجية شربل وهبه التقى سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف الذي وصف اللقاء بالمهم حيث جرى بحث التطورات الاقليمية والوضع في لبنان. وتناولا بشكل اساسي المناقشات الجارية في بروكسيل حول الخيارات المتوافرة لدعم لبنان في ضوء الازمة التي يعاني منها.  وردا على سؤال عن العقوبات المزمع فرضها على المسؤولين عن عرقلة تشكيل الحكومة قال طراف: “انها تشكل جزءا صغيرا من المناقشات الجارية في مقر الاتحاد الاوروبي. المسألة التي توجه هذه النقاشات هي كيفية دعم لبنان في هذا الوضع الصعب، وفي هذا الاطار تتم مناقشة مسألة العقوبات بروحية المساهمة بطريقة بناءة في تحسين الوضع في لبنان”.
وفي سياق آخر عرض وهبة مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا، نتائج جولة الترسيم البحري الأخيرة التي انعقدت في الناقورة بوساطة الولايات المتحدة، إضافة الى تنقيذ قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701 ودعم ترشيحات الولايات المتحدة في المجلس. وأفادت معلومات ان شيا تناولت  مع  وهبة، الى مسألة الترسيم البحري جنوبا مع اسرائيل، مصير الطلب اللبناني بترسيم الحدود البحرية الشمالية مع سوريا، التي ستكون من ضمن أجندة وهبه ، كما اعلن السفير السوري الاسبوع الماضي، حين يلبي دعوة نظيره فيصل المقداد لزيارة دمشق.
المصدر: النهار