أنا لست متضامناً مع فلسطين

أنا لست متضامنا مع فلسطين

إبراهيم درويش- العربي المستقل

أنا يا صديقي… من عشّاق السلام… وعشاق الأمن والهدوء… لا تستهويني رائحة البارود… ولا يستسيغني صوت الرصاص.

أميل الى الرصاص الذي يراقص ورق العشاق، بيد شاعر تقليدي، ورسام مرهف.

أطرب لصوت الموسيقى الهادئة بعد يوم عمل شاق.

أفنيت نصف عمري بحثا عن جزر آمنة، أو فيها الحد الأدنى من الأمان، علّ الموت، إذا غافلني على عجالة، أطمئن أنني ما تركت أطفالي في عباب الوجع.

أنا أحلم بدولة المواطنة يا صديقي، بعيدا من الإفتئات والمحاصصة، على إختلاف أنواعها، وبعيدا عن أيادي حيتان المال والسياسة.

كلّ ساعدي، وتقلّمت أظفاري، وأثقل التعب جسدي اللين، لكنّي يا صديقي، أعبق بروائح الأمس، مخضّب بالدماء والدموع، مشبع بالصمود والإرتحال.

أتريدني يا صديقي، أن أنسى وجع الأمس؟

حبذا يا صديقي، لو تمسح من شريط أمسي، أصوات القذائف والصواريخ، التي إنفجرت بالقرب مني، ومن عائتي، واستوطنت حقدا وبغضا في روحي.

حبذا لو تمسح من ذاكرة ذلك الطفل، مشاهد الأطفال المحروقة، والمنسلخة روحا عن الجسد، في قانا، ومروحين، والمنصوري.

في داخلي وحش من حنق ووفاء. أنا لست متضامنا مع فلسطين يا صديقي، أنا أطرب لكل صلية، لكل هتاف، لكل زيتونة صامدة، لكل عجوز، لم تركع. بل أنا فلسطين، باصرارها وتعبها ووجعها، وانكساراتها، وانتصاراتها.

أنا القضية يا صديقي، أنا درع أطفالي، أنا روح كل طفل، يرفض أن يقتله كيان الدم.