أكّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن لبنان «لن يخضع للابتزاز» في ملفّ ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة. ونقل زوار عن رئيس الجمهورية «أننا مع أن يأتي خبراء في علوم البحار لمساعدتنا، سواء على الحدود البحرية جنوباً أو شمالاً. لكن هل يقبل الإسرائيليون؟»، مشدداً على أن «أيّ بحث في مسألة الحدود البحرية، توسيعاً أو تثبيتاً، يأتي في سياق سياديّ لبنانيّ بحت. وكنتُ واضحاً وضوح الشمس مع كلّ من راجعني أو سألني في ذلك، وخصوصاً من بحث معي في مسألة التفاوض البحري. قلتُ لهؤلاء إن الإسرائيليين يفاوضون بشروط فإمّا نقبل بما يريدون فرضَه عنوة، وإمّا يوقفون التفاوض. هذا ابتزاز لن أخضع له، ونقطة على السطر»!
زوار رئيس الجمهورية نقلوا استغرابه الضجة الإعلامية في شأن ترسيم الحدود مع سوريا والمبالغة في الكلام عن تغييرات وتعديلات يقوم بها السوريون، لافتاً إلى «أنني اتصلت بالرئيس بشار الأسد، وسألته: سيادة الرئيس ماذا تفعلون على الحدود البحرية؟ فأجابني: علمي علمك»!
وفي سياق آخر، نُقل عن رئيس الجمهورية أنه «رايح عالماكسيموم» في ملفّ التدقيق الجنائي. بالتالي، لا مقايضة في هذا الموضوع إذا كان ثمة من يعتقد بأن العودة عن المطالبة بالتدقيق قد تسهّل الولادة الحكومية أو أنها أحد أسباب تعسّرها. و«هذا ليس عناداً… بل أمر مطلوب، أولاً من أجل اللبنانيين الذين من حقهم أن يعرفوا أين ضاعت أموالهم والأسباب التي أدّت إلى الانهيار الاقتصادي الحالي. كما أنه مطلوب دولياً، أميركياً وفرنسياً ومن صندوق النقد الدولي، لإظهار مدى جدّيتنا في الإصلاح. وهو أحد البنود الرئيسية في المبادرة الفرنسية. العالم عمل «باريس 1» و«باريس 2» و«باريس 3» ويريد أن يعرف أين ذهبت الأموال وتحديد سبب الانهيار». رئيس الجمهورية أكّد، أيضاً، أن التمسّك بالتدقيق بعيد عن المكايدة السياسية…. وقد تكون هناك أخطاء مهنيّة، لا جنائيّة، وراء ما حصل. ولكن يجب أن يتحمّل مسؤوليتها من ارتكبها.
وعن التناقض بين تشديد هذه الدول على أهمية التدقيق ووقوفها في الوقت نفسه إلى جانب الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي نُقل عنه أنه يفضّل إرجاء هذا الملف بحجة أنه ليس موضع إجماع، نقل زوار رئيس الجمهورية عنه تساؤله عمّا إذا كان هذا التناقض الوحيد؟ «أليس تناقضاً التشديد على حكومة اختصاصيين برئاسة رئيس حزب سياسي؟». أما اتخاذ أي إجراء بحقّ حاكم المصرف المركزي رياض سلامة فأمر «ليس من صلاحيات رئيس الجمهورية الذي يُعتبر شريكاً في تكوين السلطة لكنه ليس شريكاً في إدارتها». إلّا أنه رغم ذلك، «سيواصل إخبار الناس بما يجري لأن هذا من حقهم».
المصادر نقلت عن رئيس الجمهورية تأكيده استمرار «الأسباب المانعة للتأليف الحكومي»، وهي أسباب «وحده الرئيس المكلّف يعرفها ولا يبوح بها. لكنه يعرف جيداً أن زياراته الخارجية الكثيرة لا تؤلف حكومة. وهو يقوم بها طلباً لمساعدة ما، يمكننا أن نستنتج ما هي، ولم تأتِه بعد». وأشارت إلى أن الحريري «يقول إنه يؤلّف الحكومة. لكنه، منذ تكليفه، لم يقدّم لرئيس الجمهورية تشكيلة حكومية كاملة، وهناك بشكل خاص تغييب لأسماء وزراء حزب الله. في المرة الوحيدة التي قدّم فيها أسماء قال إنها للحزب، استقصى رئيس الجمهورية الأمر فسمع نفياً من الحزب لأن يكون قد سلّم الرئيس المكلف أية أسماء». وأكد عون لزواره: «من ناحيتنا، لم نكن سلبيين أبداً في التعاطي. لكنهم طوال الوقت يعايرونني بجبران (باسيل). أنا معلّمو لجبران مش هوّي معلّمي».
رئيس الجمهورية كرّر الإشارة إلى المادة 53 من الدستور التي تنص الفقرة الثانية منها على أن الرئيس «يسمي رئيس الحكومة المكلف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة»، و«هناك قراءة للإلزام هنا تتعلق بإلزامية الاستشارات لا إلزامية نتائجها». كذلك تنص الفقرة الثالثة على أن الرئيس «يُصدر مرسوم تسمية رئيس مجلس الوزراء منفرداً»، والفقرة الرابعة على أنه «يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم»، والفقرة الخامسة على أنه «يصدر منفرداً المراسيم بقبول استقالة الحكومة أو اعتبارها مستقيلة». وخلص عون إلى أنه «في هذه الفقرات، فإن كل ما يتعلّق بتكوين السلطة لديّ الحق بالتوقيع عليه. صحيح أن بالي مشغول، لكن ضميري مرتاح».
وعن دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي، أول من أمس، إلى الكفّ عن «اختلاق أعراف ميثاقية واجتهادات دستورية وصلاحيات مجازية وشروط عبثية، لتغطية العُقدة الأم، وهي أن البعض قدّم لبنان رهينةً في الصراع الإقليمي – الدولي»، نقل الزوار عن رئيس الجمهورية قوله: «لا تعليق».
وفيق قانصوه في “الأخبار”