قال الدكتور أحمد المنظرى، المدير الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية، في بيان له اليوم، إنه سيحتفي قريبًا نحو مليار ونصف مليار مسلم في العالم بقدوم شهر رمضان المبارك، وقد احتفينا بشهر رمضان في العام الماضي، خلال المراحل الأولى للجائحة، بطريقةٍ مختلفة، إذ توصَّلنا إلى طُرُق لاتباع عادات جديدة بدلًا من تقاليدنا الاجتماعية المعتادة، في إطار الجهود الرامية إلى حماية أنفسنا وأحبَّائنا
وأضاف، للأسف، لا يزال الوضع يتدهور هذا العام، مع تزايد عدد المصابين كورونا والوفيات الناجمة عنه، وقد أبلغت عدة بلدان عن زيادة في حالات الإصابة والوفيات، وأتقدَّم بخالص التعازي لجميع الأُسر في جميع أنحاء الإقليم التي فُجِعت بفقدان أحبَّائها بسبب كورونا.
وأشار إلى إنه لا تزال الجائحة تُشكِّل تهديدًا حقيقيًّا قائمًا، وأصبح من المهم أكثر من أي وقتٍ مضى أن نظل يقظين في رمضان هذا العام، وأن نُقدِّم تنازلات من أجل صحتنا وصحة مجتمعاتنا وأحبَّائنا، وكما رأينا في نهاية العام الماضي، فقد أدَّت الفعاليات الاجتماعية التي عُقِدت في موسم الأعياد إلى زيادة حادة في عدد المصابين خلال الأسابيع التي أعقبتها، موضحا أنه يجب ألَّا ندع رغبتنا القصيرة الأجل في قضاء الوقت مع الآخرين تُعرِّض المزيد من الناس للخطر، فلنتعهَّد جميعًا بأن نحافظ على التباعد عن الآخرين بمسافة آمنة، حتى يتسنَّى لنا أن نحتفل بالعديد من المناسبات السعيدة القادمة، وأن نحتفي برمضان معًا في العام المقبل، وتقع هذه المسؤولية على عاتق الحكومات والأفراد على قدم المساواة.
وأضاف، لقد أصدرت المنظمة هذا الأسبوع إرشادات مُحدَّثة بشأن الممارسات الرمضانية المأمونة في ظل جائحة كورونا، وتشتمل على توصيات بشأن تدابير التباعد البدني الواجب اتباعها أثناء الصلاة، والإفطار الجماعي، والعُمرة، وغيرها من الفعاليات الاجتماعية أو الدينية.
وفي الوقت نفسه، تنص الإرشادات على أنه من المفترض أن يستطيع الأصحاء صيام شهر رمضان هذا العام كما صاموه في الأعوام السابقة، لأنه لا يوجد أي دليل على أن الصيام يزيد من خطر الإصابة بهذه العدوى، ويمكن لمن يعانون من استمرار أعراض كورونا بعد العدوى به أن يأخذوا بالرُّخصة وأن يُفطِروا بعد مراجعة أطبائهم، كما يفعلون مع أي مرض آخر.
يقدم الدكتور أحمد المنظرى إرشادات صيام شهر رمضان خلال جائحة كورونا:
أولا: تُشجِّع المنظمة أيضًا على تفضيل الأماكن المفتوحة، إذا كان لابد من إقامة التجمُّعات، فإن ضمان تدفق الهواء والتهوية الكافييْن أمر بالغ الأهمية، لأن الأماكن المغلقة والمزدحمة التي لا تتوافر فيها تهوية كافية هي بيئة تتيح للأشخاص المصابين نقل الفيروس بسهولة إلى غيرهم إذا مكثوا معهم فترة طويلة من الوقت.
ثانيا: من المهم ارتداء الكمامات إذا تعذَّر الحفاظ على التباعد البدني بمسافة لا تقل عن متر واحد، أو في الأماكن المغلقة التي تفتقر إلى التهوية الجيدة، ويجب على الأفراد الأكثر عُرضة للإصابة بحالة وخيمة من مرض كورونا ارتداء كمامة طبية، في حين يمكن للآخرين ارتداء كمامة غير طبية أو قماشية مكوَّنة من ثلاث طبقات.
ثالثا: عند الإفطار، تناولوا مجموعة متنوعة من الأطعمة الطازجة غير المُصنَّعة، واشربوا الكثير من الماء لتحافظوا على مستوى الرطوبة في أجسامكم، وتجنَّبوا تعاطي التبغ، الذي لا يُنصح به حتى في الظروف العادية، ويعاني المدخنون بالفعل من أمراض رئوية أو من انخفاض سَعَة الرئة، وهو ما يُعرِّضهم بشدة لخطر الإصابة الوخيمة بمرض كورونا.
رابعا: بالرغم أن العادات الاجتماعية المرتبطة بهذا الشهر الكريم قد تتغيَّر، فإننا نستطيع جميعًا المحافظة على روح رمضان، وبدلًا من التجمُّعات العائلية، يمكننا التعبير عن حبنا لأُسرنا وأصدقائنا بأن نتواصل معهم عبر المحادثات الصوتية والمرئية، ونُشجِّعهم على الحفاظ على سلامتهم بالبقاء في المنزل.
خامسا: توزيع الأطعمة المعلبة بدلا من التجمعات، و لما كان رمضان هو شهر العطاء، فلنغتنم هذه الفرصة من أجل مساعدة الأفراد والمجتمعات والبلدان المحتاجة، وبدلًا من إقامة موائد الإفطار والسحور للفقراء، يمكننا توزيع الطعام المُعلَّب الذي يمكنهم الاستمتاع به بأمان في منازلهم.
سادسا: الزكاة لشراء اللقاحات، واستنادًا إلى فتاوى العديد من الهيئات الإسلامية في الإقليم، فمن الممكن أيضًا الإنفاق من الزكاة هذا العام لشراء اللقاحات، ودعم حملات التطعيم؛ إظهارًا للسخاء والتضامن على الصعيد الإقليمي، ولنغتنم أيضًا أوقاتنا في التفكُّر والدعاء لِمَن فقدوا أحبَّاءهم، والتضرُّع إلى الله بأن يشفِي المرضى.
وتبعث اللقاحات هذا العام أملًا جديدًا، وينبغي للبلدان والأفراد استخدامها باعتبارها أداة رئيسية للحماية من المرض، وبناءً على فتاوى عدد من الهيئات الإسلامية، فإن تناول لقاح كورونا لا يُفسِد الصيام، ونُشجِّع جميع الأفراد على تلقِّي التطعيم في إطار خطط التطعيم في بلدانهم، ولكن في هذه المراحل المبكرة حيث لم يحصل سوى عدد قليل من الناس على التطعيم، ينبغي أن نواصل تطبيق التدابير الاحترازية الأخرى بصرامة لحماية أنفسنا والآخرين، فإن هذه الإجراءات لن تتيح لنا الحفاظ على صحتنا والاستمتاع بالروح الحقيقية لشهر رمضان فحسب، بل ستساعدنا أيضًا على أداء دور حاسم، أفرادًا ومجتمعات، لاحتواء هذا المرض، والحد من سريانه، وضمان الصحة والعافية للجميع وبالجميع.
وأضاف، نحن جميعًا في مركب واحد، ولا يمكننا النجاة إلا بالتكاتف والاتحاد، وهناك الكثير من المهام التي يتعيَّن على البلدان والأفراد أداؤها في الأشهر المقبلة، حتى نتمكَّن من الاقتراب من عالم خالٍ من الجوائح، ولنتمسك جميعًا بأخلاق رمضان طوال هذا الشهر الكريم عند ممارسة شعائره وعباداته من صلاة وتفكُّر، لنضمن سلامتنا البدنية والنفسية، ونتجنَّب إلحاق الضرر بالآخرين، ونمُد يد العون للفقراء والمحتاجين