تسلّم لبنان “نشرة حمراء” من الإنتربول، بحق القطب السابق لصناعة السيارات، كارلوس غصن، بناء على مذكرة التوقيف الدولية التي أصدرتها السلطات الفرنسية بحقه قبل نحو شهر، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر قضائي، الخميس.
وقال المصدر إن “النائب العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، تسلّم النشرة الحمراء من الإنتربول بناء على مذكرة التوقيف الفرنسية”، بحق الرئيس السابق لتحالف رينو نيسان ميتسوبيشي.
وأصدرت محكمة في ضاحية نانتير في باريس، مذكرة توقيف دولية الشهر الماضي، تتعلق بأكثر من 16.3 مليون دولار من مدفوعات مشبوهة بين تحالف رينو ونيسان الذي كان يترأسه كارلوس غصن، في اتهامات نفاها غصن.
وتضع “النشرة حمراء” القضاء اللبناني أمام امتحان تنفيذ مضمونها. وبحسب مصادر، فإن عويدات “سيحدد في غضون الأيام المقبلة أو مطلع الأسبوع المقبل موعدا لاستدعاء غصن واستجوابه”.
وأشار رئيس مؤسسة “JUSTICIA” الحقوقية في لبنان، المحامي بول مرقص، إلى أنه “من حيث المبدأ فإن الدولة لا تسلم مواطنيها إلا في حال وجود اتفاق مخالف مع دولة أخرى، يلزمها بتسليم رعاياها، وهو أمر منتفي في حالة غصن المطلوب من السلطات الفرنسية”.
وأضاف: “لبنان غير ملزم بتسليمه بما أنه مواطن لبناني، والمادة 31 من قانون العقوبات تنص على إباحة الاسترداد بحالات ثلاث غير إلزامية, هذه المادة تشير إلى الحق بالمطالبة بالاسترداد وليست الإلزامية”.
وأوضح أنه “لإباحة الاسترداد، يتعين أن يتحقق لدى الدولة، طالبة الاسترداد، أي فرنسا، اختصاص من الاختصاصات الثلاثة، وهي أن تكون الجرائم المقترفة في أرض الدولة طالبة الاسترداد، أو الجرائم التي تنال من أمنها أو من مكانتها المالية، أو الجرائم التي يقترفها أحد رعاياها، كي تتمكن من طلب ملاحقة الشخص الذي تطلب استرداده وتسليمه لها، غير أنه يبقى للدولة اللبنانية الحق برفض تسليم رعاياها حتى في حال توفر الشروط الثلاثة”.
وتابع الخبير الحقوقي حديثه قائلا: “طالما هناك صلاحية للمحاكم اللبنانية للنظر في القضية، فيمكن للدولة اللبنانية أن ترفض تسليم الشخص، استنادا للمادة 20 من قانون العقوبات، التي تنص على أنه (تطبق الشريعة اللبنانية على كل لبناني، فاعلا كان أو محرضا أو متدخلا، أقدم خارج الأراضي اللبنانية على ارتكاب جنحة أو جناية تعاقب عليها الشريعة اللبنانية, ويبقى الأمر كذلك ولو فقد المدعى عليه أو اكتسب الجنسية اللبنانية بعد ارتكاب الجناية أو الجنحة)”.
ورأى مرقص أن, “صدور مذكرة توقيف دولية بحق غصن، سيحد من تحركاته بين دول العالم، كما أنه يمكن أن يصحب مذكرة التوقيف ضغط على لبنان الذي يستضيف غصن، لتوقيفه حتى يتم تسليمه إلى الإنتربول”.
كما ذكر حالات مشابهة، قائلا: “عام 2016 صدرت مذكرة توقيف دولية من الإنتربول بحق الكاهن منصور لبكي، لكي يمثل أمام القضاء الفرنسي، إلا أن لبنان امتنع عندها عن تسليمه، وفي حالة أخرى، امتنع لبنان أيضا عن تسليم رجل الأعمال زياد تقي الدين، الذي صدرت أيضا بحقه مذكرة توقيف دولية من الإنتربول عام 2020 لتسليمه إلى السلطات الفرنسية”.
وختم مرقص حديثه بالقول: “في حال إصرار لبنان على رفض تسليم غصن، لا يمكن أن تلزمه السلطات الفرنسية، ويمكن للبنان أن يحاكمه ويطلب ملفه من فرنسا، على أنه بمجرد خروج غصن من الأراضي اللبنانية يمكن لأي دولة أن تلقي القبض عليه بموجب النشرة الحمراء الدولية التي أصدرها الإنتربول وتسليمه”.
يذكر أن غصن قال في نيسان الماضي، إن مذكرة التوقيف الدولية التي صدرت بحقه من القضاء الفرنسي، “ما زالت في طور تشكيل الملف”، مبديا استغرابه من توقيت صدورها، الذي سبق الانتخابات الرئاسية الفرنسية بيومين، واصفا إياه بـ”التوقيت السياسي”.
واستطرد, “لا يزال القضاء الفرنسي في مرحلة تشكيل الملف، والغريب في الأمر أنني عرفت بصدور المذكرة من وسائل الإعلام، وكان من المفترض أنه في حال إصدار مذكرة توقيف بحقي، أن يتم الاتصال بالمحامي الخاص بي، أو بي شخصيا”.
وتابع, “كل الاتهامات ضدي لدى القضاء الفرنسي، منقولة عن الملف القضائي الياباني، وكنت قد أعلنت سابقا أن ملف الدعوى في اليابان مشبوه”.
ويقيم رجل الأعمال الذي يحمل الجنسيات الفرنسية واللبنانية والبرازيلية، في لبنان منذ كانون الأوّل 2019، إثر فراره المثير للجدل من اليابان، حيث كان ينتظر المحاكمة عقب توقيفه عام 2018.