٧ سنوات من الدماء… لا تكفي!
إبراهيم درويش_ العربي المستقل
٧ سنوات من الحرب على اليمن، لم تغيّر في الإستراتيجيا العسكرية شيئا، ثماني سنوات من حرب لم تبدّل في السياسة، ولا في الديموغرافيا، ولم تقدّم لرعاتها أي إضافة في جانبها الاقتصادي، بل ما كان، أنّ حساب الحقل جاء مختلفا كثيراً عن حساب البيدر.
٧ سنوات من عمر حرب أنضجُ ثمارها، إصابة وإراقة دماء ما يزيد عن ٤٦ ألفا و٢٦٢ مدنياً منهم ١٧ ألفا و٧٣٤ يمنيا، بخلاف المهاجرين المقيمين على الأرض اليمنية، ومقاتلي الطرفين، والمرتزقة الذين يقاتلون في حرب لم تفلح السنوات المتعاقبة، في تبديل وجهة النظر حولها، وفي كونها حرب بات من المتعذّر إيجاد مبررات عقلانية إنسانية، لاستمرارها، بعد أن باتت الاضرار تطال البلدين.
٧ سنوات من الحصار، من الجوع، من الأمراض المتفشيّة، من العوز، من التهجير والنزوح، من إنعدام الأمن والاستقرار، من نقص المواد الطبيّة، من حرمان الأطفال من ملاعبهم، من المقامرة بمستقبل جيل بأكمله، من حرمان المدنيين من بدهيات الحقوق الإنسانيّة.
٧ سنوات من حرب لا أفق لها، من حرب كانت وفقاً للحسابات السعوديّة من المفترض أن تنتهي في غضون أشهر، وها هي أتمّت السنة السابعة، بفيض من القتل، وغيض من الدمار، ومساحات من الحرائق.
لم يعد مهماً، ما رفع من شعارات لهذه الحرب، ولم يعد النقاش حول جدواها، وحول حساباتها مفيدا، فما لم يستطع التحالف من تحقيقه في الأشهر الأولى من عمر الحرب، لن يتغيّر بعد سبع سنوات، وهذا ما كان على التحالف أن يحسبه بميزان الذهب، في محاولة لتقصيرعمر هذه الحرب بين الجارتين، وتوفير مزيد من الأعباء عن كاهل البلدين، ولجم أي عداء طويل الأمد بين الشعبين، ولا سيّما بعد المتغيّر الجوهري، والضربة الكبيرة في آرامكو، وما سيكون لهذا التحوّل في المواجهة من آثار، على المنطقة بأسرها.
ليس ما حصل أمس من ردّ فعل يمني غير مسبوق في حجمه، هو المتغيّر الوحيد في مسار هذه المعركة، بل حتى ميدانيّا، بات واضحاً، أن لا مجال للحديث عن حسم عسكري للتحالف في أي من الجبهات، وهنا نستذكر معركة حرض الاخيرة التي وضع التحالف كل طاقته لتثبيت انتصار مفصلي فيها، بهدف تبديد تقدّم قوات صنعاء في مأرب، الى أن شنّت قوات صنعاء هجوما مضادا، وثقته بالمشاهد المصوّرة التي أكدت إحباط المخطط في أقرب نقطة الى الحدود السعوديّة، على الرغم من التحشيد الكبير والاستعداد المسبق لهذه العملية، كما يبدو جيدا، أن قوات صنعاء، ومنذ بدء ما أسمته معركة كسر الحصار، قررت خفض استراتيجيا المواجهة العسكرية المباشرة، وإطلاق مرحلة من الردود التكتيكية القادرة على خلق توازنات جديدة في مسار المعركة، ولا سيما في ظل المستجدات الدولية، وأزمة الامدادات النفطية، على وقع التطورات الاوروبية-الروسية، وهذا ما حصل في إعادة تموضع الألوية التابعة للإمارات في شبوة مؤخرا، في خطوة جاءت كإشعار حسن نوايا، تجسّد لاحقا بتركّز الضربات نحو السعودية دون الامارات.
وفي معرض الحديث عن المتغيّرات في الميدان، لا يمكن تجاوز الحادث المفصلي في البحر في الثالث من شهر كانون الثاني واستيلاء القوات البحرية في صنعاء على سفينة “الروابي” مقابل ساحل الحديدة والتي كانت تحمل بحسب المشاهد التي أظهرتها قوات صنعاء، أسلحة وعتادا ثقيلة.
في السياق، واستنادا الى ما سلف، يجدر الربط بين ما سلف وما أشار اليه قائد انصار الله السيد عبد الملك الحوثي الى أن “القوة البحريّة نهضت من نقطة الصفر بفعالية عالية وردع تام لقوى العدوان عن مهاجمة أيّ مدينة ساحلية، مضيفًا أنّ “هناك عملًا كبيرًا لتطوير القوّة البحرية وتظهر نتائجه في المستقبل القريب”، متابعا “عملنا على أن نطلق الصواريخ والمسيرات من أيّ مكان نريد الإطلاق منه، وإلى أيّ هدف نريده حتى في البحر، وحرصنا على امتلاك مديات بعيدة في تصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة”.
تصادف اليوم الذكرى السابعة لهذه الحرب، التي لا يمكن ان تنفصل عن دور الايادي الخارجية العابثة في المنطقة، لإغراق الدول في حروب طاحنة، واستمرارها أسواقا إستهلاكية للأسلحة الغربية، ورغم كل هذا المشهد العالمي المحموم، فرصة تلوح في الافق، للمراجعة، ووقف حمام الدم، وآلة الدمار، فالف باء الاستراتيجيات العسكرية والامنية أن لا أمان في داري، ما دام الحريق والخراب في ارض جاري”.