النهار: نحو عتمة زاحفة والحكومة عالقة في “الميغاسنتر”

كتبت صحيفة “النهار” تقول: فيما تحولت مهمة اللجنة الوزارية المكلفة درس امكان اعتماد “الميغاسنتر” في الانتخابات النيابية المقبلة الى لجنة دفن ضمنية لهذا المشروع بإحالته مجددا على مجلس النواب الذي سبق له ان أسقطه في تصويته سابقا على تعديلات قانون الانتخاب، بدا المشهد الداخلي غارقا في معالم فوضى كارثية على المستوى المعيشي والخدماتي والاجتماعي وسط تخبط الحكومة والوزارات المعنية في التعامل القاصر والمربك مع أزمات المحروقات والأمن الغذائي الآخذة في التفاقم التصاعدي. وعلى رغم “عراضات” الطمأنة الفارغة من أي محتوى التي يدأب عليها الوزراء المعنيون ولا سيما منهم وزيرا الطاقة والاقتصاد للتقليل من وطأة تخبط البلاد بأزمات المحروقات والاحتكار وفقدان المواد الاستهلاكية والأساسية، فان المخاوف تزايدت من ان يكون زمام السيطرة على هذه الازمات قد افلت تماما من ايدي المسؤولين بدليل تمادي مظاهر ازمة المحروقات رغم الزيادات المطردة في أسعارها وتمدد طوابير السيارات في كل الأنحاء، ناهيك عن تفلت القدرة على ضبط أسعار المواد الاستهلاكية. وقد برزت معالم تفاقم ازمة المحروقات في تزايد واتساع ظاهرة انقطاع مولدات الكهرباء عن العمل في عدد كبير من الأحياء والبلدات والقرى بسبب الارتفاعات الحادة في اسعار المشتقات النفطية بما ينذر بأزمة غير مسبوقة على رغم “اختراق” استثنائي عابر سجل في تغذية مفاجئة بالتيار لبضع ساعات امس لبلدة المنية وبلدات شمالية بفضل تجريب المحطة الثانية في معمل دير عمار.

ومع كل هذا المشهد القاتم بدت أولوية السلطة في مكان أخر اذ وصلت حسابات اهل السلطة الى حائط مسدود في ملف الميغاسنتر الذي تحول الى ساحة مبارزة بين اهل السلطة مع علم الجميع باستحالة التزام اعتماد الميغاسنتر بعد شهرين ونيف فقط . ولئلا تظهر نتيجة ملهاة اللجنة الوزارية التي استهلكت مزيدا من الوقت الضائع كسراً فجاً لارادة واندفاع “التيار الوطني الحر” نحو اعتماد هذا الاجراء بشكل متأخر الى حدود عرضت التيار للاتهامات بانه افتعل معركة إعادة اعتماد الميغاسنتر لإرجاء الانتخابات وتطييرها، تتجه الحكومة الى رمي كرة الملف مجددا في مرمى مجلس النواب بداعي الحاجة الى تعديل القانون لاعتماد هذا الاجراء.

وأكد وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي بعد انتهاء اجتماع اللجنة الوزارية مساء امس أنه “نتيجة مداولات اللجنة المكلفة دراسة المشروع (الميغاسنتر)، سترفع تقريراً واضحاً للحكومة بأول جلسة وقد جرى التوقف مطولا عند النقاط القانونية”، موضحاً أن “النقاش القانوني نضعه عند مجلس الوزراء الحريص على اجراء انتخابات سليمة وبوقتها ومن دون اي تأخير”. وشدد مولوي على أن “مجلس الوزراء حريص على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها وعلى الجهات المختصة تأمين الاعتمادات لها”.

وقبيل استكمال اللجنة الوزارية بحثها موضوع مراكز الاقتراع الكبرى الميغاسنتر عمد وزير السياحة وليد نصّار الى تجديد تبريراته لخلفيات دعوته الى ارجاء الاستحقاق الانتخابي لاسابيع فاتحا النار على القوى التي سارعت الى انتقاده. وأكّد أنّه “لا يوجد أيّ عائق كي يتمّ تنفيذ الميغاسنتر خلال المهلة المحدّدة وخلصنا من التّخباية والخبثنة السّياسيّة “. وشدد على أنّه “لا يجب تأجيل الانتخابات يومًا واحدًا، لأنّها استحقاق دستوري، وأتنازل عن الميغاسنتر لمصلحة إجراء الانتخابات في موعدها”.

سجال ناري

واشعل هذا الملف سجالا ناريا بين “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” بعدما اتهم رئيس “القوات” سمير جعجع “التيار” بالسعي الى تأجيل الانتخابات وتطييرها اذ ان “تأجيل الانتخابات في هذه المرحلة بالذات يعني عمليا تطييرها، كما يعني حرمان الشعب اللبناني من فرصته الوحيدة للانقاذ بعدما أوصلوه إلى قعر جهّنم”، وسأل: “ماذا يريدون بعد؟ هل يريدون بسعيهم لتأجيل الانتخابات النيابية القضاء على آخر لبناني حر في هذا البلد؟”.

وعلى الاثر، رد رئيس “التيار” النائب جبران باسيل على جعجع من دون ان يسمّيه، مغردا “مش اول مرة بيخون وبيتراجع. الميغاسنتر، يعرف قيمته الاستراتيجية أهل الجبل والشمال والجنوب والبقاع وبيروت، وهو يعرف ان انشاءَه يسهّل ولا يؤخّر! بس هو هيك! هيك باع صلاحيات الرئيس بالطائف وحارب الرئيس القوي بصلاحياته، وهيك خان بالقانون الأرثوذكسي وضحّى بنواب الانتشار سبحان الخالق”. ورد الوزير السابق ريشار قيومجيان على باسيل باتهامه وعمه رئيس الجمهورية “بالخيانة”.

نصرالله

وفي المقابل ركز الأمين العام لـ”حزب الله ” السيد حسن نصرالله ، الشق الداخلي من كلمته امس لمناسبة “يوم الجريح المقاوم” على انتقاد التعامل الرسمي مع الولايات المتحدة فاعتبر “إن الخضوع للإملاءات الأميركية لن ينقذ لبنان بل سيزيد مآسيه ومصائبه، ولن تستطيعوا إرضاء أميركا لأن لا حدودَ لمطالبها”. وسأل “ما هو المقابل الذين تحصلون عليه مقابل الخضوع للإملاءات الأميركية؟”. وعن موقف لبنان الرسمي في الأمم المتحدة عبر التصويت مع أميركا، لفت الى انه “كان لبنان يستطيع أن يكون ممتنعاً، ومصلحته كانت في الإمتناع”. واعتبر بان “المطلوب أن يقول لبنان للأميركي لسنا عبيداً عندكم”، وذكر بانه من “المؤسف أن البيان الرسمي اللبناني الذي صدر باسم وزارة الخارجية اللبنانية ذهب إلى السفارة الأميركية والسفارة عدلت فيه ما يعني أن هذا البيان مكتوب من قبل السفارة الأميركية فهل هذه هي السيادة؟”. واكد باننا “كحزب لسنا مع النأي بالنفس، وعندما اتخذت الدولة اللبنانية موقفها مع الأميركيين، لماذا سكت دعاة الحياد والنأي بالنفس صمتُ القبور”. ورأى بان “هذا شاهد جديد على أكذوبة أن حزب الله يهيمن على قرار الدولة اللبنانية”. واعتبر بانه “لو كان حزب الله يهيمن على قرار الدولة اللبنانية، هل كان يمكن أن تصدر وزارة الخارجية اللبنانية بياناً من هذا النوع وترسله إلى السفارة الأميركية؟”. وقال”هل تعلمون أيها اللبنانيون والشعب اللبناني أنه حتى هذه اللحظة لم تقدّم الخارجية الأميركية مستنداً خطياً للأردن ومصر بحمايتهما من عقوبات قانون قيصر إذا أدخلوا الغاز من سوريا إلى لبنان أين هذا السراب والأوهام؟ واكد بان كل ما يقوله الأميركي هو كذب وخداع”. ولفت الى انه “منذ سنة ونصف، عندما تحدثنا عن الإتجاه شرقاً، دخلت شركة روسية لها علاقة بالنفط بمفاوضاتٍ مع الحكومة اللبنانية، وعرضت تقديم النفط الخام وإنشاء مصفاة دون مقابل مالي ودون ضمانات، وتأمين كل حاجة لبنان من المشتقات”. وكشف بان “الشركة الروسية عرضت البيع بالليرة اللبنانية لا الدولار، على نحو يجعل لبنان مصدّراً للمشتقات النفطية، وعلى أن تصبح المصفاة ملكاً للبنان بعد عشرين عاماً.. ولكن لا جواب حتى اليوم بعد سنة ونصف السنة من المفاوضات”، واكد بان “السبب الأساس برفض العرض الروسي هو عوكر وبهذه العقلية لا يمكن إنقاذ لبنان”. وطالب المسؤولين اللبنانيين باتخاذ قرار بشأن العرض النفطي وقبوله، مع عودة طوابير الذل أمام محطات الوقود.

الجيش والترسيم

واتسم كلام لقائد الجيش العماد جوزف عون بدلالات بارزة اذ اكد ان “المؤسسة العسكرية لا تزال متماسكة وقادرة على القيام بدورها رغم كل التحديات” وإذ لفت إلى أنَّ “القيادة لا تزال تسعى مع الدول والجيوش الصديقة إلى توفير المساعدات والدعم لعناصرها”، أشار إلى أن “الجيش يتعرّض لحملات وضغوط على أكثر من صعيد”. وتطرّق العماد عون إلى ملف ترسيم الحدود البحرية فقال “أنجز الجيش مهمته التقنية في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية بناءً على تكليف من السلطة السياسية، وبذلك يكون دورنا انتهى عند هذا الحد. بالتالي، وكما أعلنتُ سابقاً منذ نحو عام، ولاحقاً عبر بيان رسمي أنَّ المؤسسة العسكرية هي مع أيِّ قرار تتخذه السلطة السياسية في موضوع الترسيم”.