كتبت صحيفة “نداء الوطن” تقول: مع بدء تصاعد الدخان من فوهة الآلة العسكرية الروسية، توالت التحذيرات الأممية والدولية من التداعيات الكارثية لاجتياح أوكرانيا على نظام الاقتصاد الإقليمي والعالمي، كما نبّه صندوق النقد الدولي، بينما دقتّ الولايات المتحدة ناقوس الخطر من وقوع “أزمة لاجئين جديدة ستكون من بين الأكبر التي يواجهها العالم”، فضلاً عن نشوء أزمة غذائية تحاصر الدول النامية ربطاً بارتفاع أسعار القمح، ما قد ينتج عنه “جوع أكثر شدة في أماكن مثل ليبيا واليمن ولبنان“.
وانطلاقاً من تمسكه بـ”المبادئ الراسخة والناظمة للشرعية الدولية التي ترعى الأمن والسلم الدوليين، وفي طليعتها مبدأ إحترام سيادة الدول ووحدة اراضيها وأمن حدودها”، ونظراً لما شهده تاريخه الحديث من “اجتياحات عسكرية لأراضيه ألحقت به وبشعبه أفدح الخسائر”، لم يتردد لبنان أمس في إدانة “الاجتياح” الروسي للأراضي الأوكرانية، داعياً موسكو في بيان صادر عن وزارة الخارجية إلى “وقف العمليات العسكرية فوراً” وتجنيب العالم “مآسي الحروب ولوعتها“.
أما على مستوى العصف الاقتصادي للعدوان الروسي على أوكرانيا، فيقف لبنان على شفير أزمة جديدة تضاف إلى باقة أزماته الاقتصادية والمالية والمعيشية، وسيعاني بنتيجتها “الأمرّين”: غلاء الأسعار وتفاقم التضخم، حسبما أكدت مصادر اقتصادية، موضحةً أنّ “الساحة اللبنانية لن تكون بمنأى عن تأثيرات الحرب الأوكرانية، لا سيما وأنّ لبنان يستورد 50% من حاجاته من القمح من أوكرانيا، ما يهدد بضرب سلسلة تموينه من هذه المادة الحيوية، التي بدأت تتفاقم أزمتها أساساً نتيجة غياب التمويل من مصرف لبنان الذي لم يعد يفتح الاعتمادات بالدولار لاستيراد القمح بالسهولة نفسها التي كانت سائدة خلال فترة الدعم السابقة“.
وإذ نوّهت بأنّ “توقف المطاحن عن تسليم الأفران القمح ناتج عن تأخر المصرف المركزي في تسديد المستحقات المالية للبواخر الراسية في عرض البحر بانتظار فتح الاعتمادات”، أشارت في المقابل إلى “وجود مخزون يكفي لقرابة الشهرين في مخازن المطاحن لكن في حال انقطاع الاستيراد من أوكرانيا، فإنّ الخيارات البديلة غير واضحة راهناً، وهي قد تشمل الاستيراد من دول أخرى من بينها الولايات المتحدة أو رومانيا والهند”، آخذةً في هذا السياق على الدولة اللبنانية عدم وجود “استراتيجية أمن غذائي” لديها، تمكن من احتواء أزمات طارئة من هذا النوع.
وفي حين ارتفع سعر طن القمح عالمياً ليتجاوز الـ300 دولار أمس، فإنّ المصادر ترى أنّ “الأثر الأكبر على المالية العامة سيكون متصلاً بمسألة ارتفاع سعر النفط مع تخطي سعر البرميل عتبة الـ100 دولار، خصوصاً وأنّ لبنان يستورد ما معدله 4 مليارات دولار من النفط والمحروقات الأمر الذي سيؤدي إلى ارتفاع متزايد في تسعيرة البنزين والمازوت، فضلاً عن ارتفاع سعر الغاز عالمياً، وإلى تفاقم عجز ميزان المدفوعات ما سيشكل تالياً ضغطاً إضافياً على الليرة المنهارة أصلاً رغم تعاميم المصرف المركزي وسياساته المالية القصيرة الأمد“.
وفي ضوء ذلك، أشارت المصادر إلى أنّ “الضغط المتزايد على الليرة سوف يلتهم ما تبقى من قدرة المواطن الشرائية”، موضحةً أنّ ارتفاع أسعار المحروقات “سينعكس تلقائياً وبأشكال مباشرة وغير مباشرة على كافة السلع الاستهلاكية نتيجة ارتفاع كلفة التنقلات داخلياً، بالإضافة إلى الارتفاع المتوقع في أسعار كافة المواد والبضائع المستوردة“.