المطلّقة بين حكم الواقع و “البحث عن علا”

 ربى  أخضر_العربي المستقل

على الرغم من الانتقادات التي طالت مسلسل “البحث عن علا” المعروض على منصة Netflix كتغير الطبقة والوسط الاجتماعي للبطلة عن الجزء الأول واعتبار القصة تدور في “عالم مواز” لا يمت لعالم الأغلبية الساحقة بصلة، فإننا إذا أمعنا النظر نجد أن المشكلة تكمن في عالم الأغلبية الساحقة وليس العكس.

يعرض لنا المسلسل جانب من المشكلات التي تواجهها المرأة العربية المطلقة بطريقة كاريكاتورية كوميدية خفيفة، فكل حدث يشير إلى واقع أليم لا تتم فيه معالجة الطلاق وتبعاته بنفس “السهولة” المذكورة في العمل.

بعد أن كانت علا قد تخلت عن حياتها المهنية في سبيل الأسرة والزواج، نزولا عند رغبة الزوج، وحاولت قدر الإمكان الاهتمام بأفراد أسرتها والتوفيق بين حاجاتهم، يصدمها زوجها بقرار الطلاق الذي كان قد اتخذه “وحده” ودون رجعة عنه. تجد البطلة نفسها تحارب على جبهات متعددة، فمن ناحية تحمل معظم مسؤولية المنزل والأولاد بمفردها، ومن ناحية ثانية لوم الأهل وبحثهم عن الخطأ التي ارتكبته ابنتهم حتى يتخلى عنها زوجها “عملتي إيه؟”، ومن ناحية ثالثة موجهة المجتمع بحالتها الجديدة، العودة إلى ذاتها ومحاولة بناءها من جديد، الحق في الارتباط مجددا، الحق في وضع حدود لتدخل الطليق والأهل في حياتها وأخيرا الحق في رفض طلب الطليق العودة إليه والزوج منه مجددا أو رفض الزواج من أساسه أيا كان العريس. وبعد كل هذا نذكر أن في حالتنا هذه الزوج هو الذي قرر الانفصال، فماذا لو كان الوضع معاكسا؟

إذا ما أردنا أن نضع “علا” في عالم الأغلبية الساحقة دون العالم الموازي فإنها على الأرجح سترضى بالمصروف الذي سيحدده لها طليقها إذا ما قبل ترك حضانة الأولاد لها، وستذعن لرغبته أو رغبة أهلها بعدم خوضها الحياة المهنية والاعتماد على الذات، وفي حال السماح لها بالعمل، أو فرض إرادتها على من حولها، فستصطدم بحواجز أخرى، كخلفيتها التعليمية ( فكم من فتاة تزوجت من دون إكمال تعليمها الجامعي لا بل حتى الثانوي)، خبرتها في مجال العمل، تدني أجرها كونها “إمرأة” و”مطلقة” (أي في حاجة ماسة للعمل). أما حقها برفض الرجوع إلى الطليق فهو شبه معدوم في هذا العالم، فعليها أن تضع مصلحة أولادها في العيش مع كلا الأبوين في نفس الوقت أولا، وأن تقبل بالسترة التي من بها عليها طليقها. وفي سيناريوهات أخرى ان تقبل بأي عريس يطرق بابها ولا تتبغدد كعروس عذراء ولا تحاول تفضيل العيش بفردها على العيش مع من يكون قواما عليها. هذا كله دون التطرق إلى العنف النفسي واللفظي والجسدي الذي يصحب العديد من حالات الطلاق في مجتمعنا الموقر.

نجد إذا أن سرد قصة علا في عالم مواز كان أمرا لا بد منه لأن عالمنا لا يسمح بكل القرارات التي اتخذتها بنفسها لنفسها، ولأن عالمنا يحتاج لأن يكون “عالما موازيا” في بعض الأحيان.