الأنباء: ما بعد انسحاب الحريري.. تراشقٌ بين الحلفاء واستثمارٌ من الخصوم

تبت صحيفة “الديار” تقول: تتسارع التطورات داخليا على مسافة 4 اشهر من الانتخابات النيابية بما يضع مصير هذه الانتخابات على المحك كما مصير البلد ككل. اذ يُجمع اكثر من مصدر متابع على ان انكفاء رئيس تيار” المستقبل” سعد الحريري لن يكون الا بوابة لانقلابات كبرى ستشهدها الساحة اللبنانية حتى موعد الانتخابات، فيما تتعاظم المخاوف من سيناريو “دموي” يكون المحطة الاخيرة في مرحلة الانهيار التي يشهدها البلد منذ العام 2019.

ويقول مصدر سياسي واسع الاطلاع لـ “الديار” ان “كل المؤشرات والمعطيات المحلية كما الخارجية لا تدعو للاطمئنان، لافتا الى ان الاشهر الـ 3 المقبلة حساسة للغاية وقد تشهد ما حاولنا تفاديه في العامين الماضيين الا وهو تدهور الاوضاع الامنية وصولا للانفجار الامني الواسع”. ويضيف المصدر: “اما الاخطر فما يبدو دفع خارجي في هذا الاتجاه، والا كيف نقرأ كل الضغوط الاميركية والخليجية ومحاولاتهم تخيير لبنان بين الاستقرار والازدهار مقابل تسليم رأس حزب الله وبين الانهيار والحرب الاهلية في حال العكس؟!”

وتخشى قيادات سياسية وأمنية ان يستغل المتطرفون فراغ الساحة السنية من قياداتها المعتدلة خاصة وان استعادة تنظيم “داعش” نشاطه في مدينة طرابلس في الاشهر القليلة الماضية لا يدعو للاطمئنان، “فحتى ولو كانت حركته في الاشهر الماضية من لبنان باتجاه العراق، لا شيء يمنع ان تتحول حركة عكسية خاصة في ظل التطورات الحاصلة في الحركة. فمتى اقتضى مخططا دوليا ذلك، تولى التنظيم الذي بات واضحا انه يتحرك وفق اجندات دولية معروفة، تنفيذه بحذافيره”.

جواب دبلوماسي

وتعتبر مصادر مطلعة على جو حزب الله ان “المبادرة الخليجية التي تولى الكويتيون عرضها على لبنان لا تندرج باطار رغبة هذه الدول وعلى رأسها السعودية بالحل، انما بالعكس تماما تأتي باطار الضغوط التي تمارس على لبنان والتي يبدو انها بلغت آخر مراحلها”. وتقول المصادر لـ “الديار”: يعي المروجون للمبادرة انها غير قابلة للتنفيذ وان الموافقة على كل بنودها ومن بينها تطبيق القرار 1559 يعني السير بمخطط نزع سلاح حزب الله ما سيؤدي لحرب اهلية في لبنان”.

ويتجه لبنان، بحسب معلومات “الديار” وبعد التنسيق مع الرؤساء الـ 3، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، لصياغة جواب او ردّ “دبلوماسي” على المبادرة بحيث يؤكد ترحيبه وسعيه لتنفيذ ما أمكن من بنودها من دون الغوص في تفاصيلها. ويبدو محسوما ان الجواب “على الطريقة اللبنانية” اي بشكل “دبلوماسي” لن يرضي معدّو المبادرة ومن صاغها، ما يعني سقوطها والانتقال الى مرحلة جديدة من التصعيد الخليجي بوجه لبنان.

حرب بين “المستقبل” و “القوات”

وتواصلت يوم أمس ردود الفعل السياسية على قرار الحريري الانسحاب من المشهد السياسي اللبناني. واشتعلت مجددا جبهة “القوات”- “المستقبل” اذ استدعى موقف رئيس “القوات” سمير جعجع من قرار الحريري ردودا عالية النبرة من “المستقبل”.

وقال مصدر في “المستقبل” لـ “الديار”: جمهور تيارنا يدرك جيدا من طعن الرئيس الحريري بالظهر وهو لن يسامحه. اما مراهنة جعجع على اجتذاب جزء من شارعنا اليه فمضحك”.

وكان رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، علّق على قرار الحريري قائلا: “على الرغم من تباينات عدة اعترت العلاقة بيننا وبين رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وتحديدا في المقاربات السياسية المتعلقة بالحكم، الا أنني لا أستطيع في هذه اللحظات بالذات إلا ان أبدي تعاطفي الشخصي مع الحريري”.

وتابع: “اذ نحترم ونقدّر الاصدقاء والاخوة في تيار المستقبل، نصرّ على التنسيق معهم ومع كل ابناء الطائفة السنية في لبنان ومع كل المخلصين والمؤمنين في الطوائف الأخرى بالقضية اللبنانية، حتى ينتصر لبنان الدولة والسيادة والحرية غير الخاضع لارادة ايران، ولبنان الخالي من الفساد، وحتى لا يموت شهداء الحرية والسيادة في لبنان مرتين، من كمال جنبلاط وبشير الجميل ورفيق الحريري ومحمد شطح وكل قوافل الشهداء الأبرار”.

ولعل التعليق الاقسى على كلام جعجع اتى من  عضو كتلة المستقبل النيابيّة النائب وليد البعريني الذي قال: “طالعنا سمير جعجع بموقف خبيث يُحاول الظّهور عبره بمظهر الحريص والمُحِب لتيار المستقبل ولجمهور الرّئيس الشهيد رفيق الحريري ولعموم أهل السنة في لبنان، لكن الحقيقة بخلاف ذلك، وقد أثبتت كل الأحداث الماضية أنه متورط حتى النّخاع في طعن تيار المستقبل ورئيسه في ظهورهما وفي رقابهما، وهذه حقائق ثابتة ولم تعد تخفى على أحد.” وأضاف البعريني:

“أما إدّعاء الحرص والاهتمام للقفز الى المقدمة، ولوراثة تيار المستقبل، فهو لا يعدو كونه محاولات مكشوفة سترتد على صاحبها بالخيبة والخذلان، لأن السّنة كانوا وسيبقون في هذا البلد، هم أهل دولة وأهل وفاء، ولن يسمحوا لمن طعنهم أن يتوثّب نحو حمل رايتهم وتقدم صفوفهم. ومن يعش يرَ”.

الموازنة تسقط في البرلمان؟

في هذا الوقت، انكبت الحكومة على مناقشة مشروع موازنة 2022 الذي تقدم به وزير المال يوسف الخليل، وفيما يأمل رئيس الحكومة ان ينتهي البحث فيه هذا الاسبوع ليناقشه مجلس النواب الاسبوع المقبل، لا يبدو ان طريق الموازنة سيكون معبدا تحت قبة البرلمان. اذ استبعدت مصادر نيابية في حديث لـ “الديار” ان يمر المشروع في الهيئة العامة، خاصة بعد المواقف التصعيدية بوجهه من قبل حزب الله و”التيار الوطني الحر” وعدد كبير من النواب. واضافت المصادر: ليس من مصلحة احد السير بمشروع مماثل على عتبة الانتخابات النيابية، علما انه تجري محاولات شتى لتجميله واتخاذ قرارات مرافقة له كموافقة مجلس الوزراء على مشروع مرسوم يرمي الى إعطاء تعويض نقل شهري مقطوع للعسكريين في الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والضابطة الجمركية وشرطة مجلس النواب من مختلف الرتب تعويض نقل شهري مقطوع بقيمة 1200000 ليرة لبنانية يضاف إلى تعويض الانتقال اليومي المستحق للعسكريين”.

واشارت المصادر الى ان “القوى السياسية ستدقق بالمشروع بعد انتهاء عمليات تجميله لتحدد ما اذا كان سيرتد عليها سلبا شعبيا ام انه قد يمر من دون مضاعفات”.

عملية انعاش “كهرباء لبنان”

وعلى وقع الانهيار السريع لشبكة كهرباء لبنان نتيجة الاعطال وعدم توافر الاموال اللازمة لاصلاحها، تواصلت يوم امس عمليات انعاشها مع وصول وزيري الطاقة السوري والأردني يرافقهما المدراء العامون لشركات ومؤسسات نقل الكهرباء حيث سيتم التوقيع بين لبنان وكل من الأردن وسوريا اليوم الاربعاء اتفاقيتين مع الأردن لتزويد الطاقة الكهربائية، وأخرى مع كل من الأردن وسوريا لعبور الطاقة عبر سوريا إلى لبنان.

وكانت مؤسسة كهرباء لبنان اصدرت امس بيانا اوضحت فيه انه “نتيجةً للعاصفة الثلجية وموجات الصّقيع المستمرة بالإضافة إلى تكوّن طبقات من الجليد منذ يوم الخميس الفائت، يصعب على الفرق الفنيّة القيام بأعمال الصيانة والتصليحات على شبكات التوتر المتوسط والمنخفض كما هو الحال تحديداً في غالبية المناطق الوسطى والجبلية المرتفعة، وعلى طول الساحل اللبناني. أضف إلى ذلك الأزمة المالية في البلاد، ولا سيّما عدم توفّر العملات الأجنبيّة، مما يؤثر سلباً على قدرة شراء قطع الغيار الضرورية، الأمر الذي يؤدي إلى التأخير في أعمال الصيانة. وتحدث البيان عن “حصول انقطاعات شاملة للتيار الكهربائي ناجمة عن عدم استقرار الشبكة بسبب محدودية القدرة الإنتاجية نتيجة الأوضاع المالية والنقدية في البلاد من جهة، والاعتداءات التي تحصل من قبل بعض الأشخاص على بعض محطات التحويل الرئيسية كما جرى مؤخراً في محطة عرمون الرئيسية من جهة أخرى. وعليه، فإن مؤسسة كهرباء لبنان تؤكّد بأنها تعمل جاهدة على إصلاح الأعطال على كافة الأراضي اللبنانية، لا سيّما الجبلية منها، من أجل إعادة الوضع إلى ما كان عليه وبحسب القدرات المتاحة في ظل الظروف الراهنة”.