تبت صحيفة “البناء” تقول: استقطبت المواجهة البحرية الأميركية- الإيرانية في بحر عمان، بعدما كشفت عنها إيران موثقة بتسجيلات متلفزة تظهر تفوقها على الأسطول الخامس الأميركي وإلزام مدمراته بالتراجع، على رغم التماس عن مسافة أمتار بين الوحدات الحربية للجيش الأميركي والحرس الثوري الإيراني، ولم تخف حرب البيانات الأميركية- الإيرانية تفوق الموقف الإيراني بدقة الوقائع المصورة، وبقاء الكلام الأميركي عن إخفاء المعلومات المتعلقة بالمواجهة طيلة أسبوع كامل بذريعة تسهيل العودة الإيرانية لمفاوضات فيينا حول الملف النووي الإيراني، بينما التسجيلات تظهر فضيحة عسكرية أميركية تفسر التكتم الأميركي، والوقوع في فخ إعلامي إيراني تمثل بالتحكم بوقت تظهير المعلومات مرفقة بالأفلام المسجلة عشية احتفال إيران بذكرى احتلال طلاب الثورة الإيرانية للسفارة الأميركية عام 1979، في رسالة واضحة المضمون عشية العودة إلى مفاوضات فيينا وفي ظل تلميحات أميركية بالعودة للخيار العسكري، مضمونها أن إيران جاهزة للمضي قدماً في المواجهة حتى لو كان الثمن توسيع نطاقها والمخاطرة بحرب، وإظهار التهديدات الأميركية بمظهر الاستعراض الإعلامي لأن واشنطن تثبت في الميدان خشيتها مع كل مواجهة من توسع نطاقها وتحولها إلى حرب فعلية.
عشية العودة إلى مفاوضات فيينا بين إيران ودول الاتفاق النووي، وعشية التطورات العسكرية المتسارعة على جبهة مأرب في اليمن، تبدو الأزمة اللبنانية- السعودية مرشحة للجمود، حيث يحكمها سقف دولي يمنع تصعيدها من الجانب السعودي، تمثل بالتمسك الغربي وفي مقدمته الموقف الأميركي الداعي للحفاظ على الحكومة وحماية الاستقرار، وهو ما أجمع عليه كل الذين التقوا برئيس الحكومة نجيب ميقاتي في قمة المناخ في غلاسكو، وقد انضم إلى هذه المواقف الغربية موقف روسي لافت أضاف للدعوة لحل الأزمة بالحوار دفاعاً عن الموقف اللبناني بالإشارة إلى أن كلام وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي الذي اتخذته السعودية ذريعة للأزمة قد صدر قبل تشكيل الحكومة وتعيينه وزيراً، بينما تشير المعلومات الواردة من عدة عواصم خليجية إلى أن الرياض لا تملك عرضاً للحل تضعه بين أيدي الوسطاء، وهي تكتفي بالشكوى من موقف لبناني تعتبره خاضعاً لمشيئة حزب الله للقول إنها ضاقت ذرعاً ولا ترغب بعودة العلاقات قريباً مع لبنان.
في مواجهة هذه الأزمة يبدأ الرئيس نجيب ميقاتي اليوم جولة مشاورات تبدأ برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ووفقاً لمصادر خاصة قالت لـ “البناء” إن ميقاتي يحاول صياغة خريطة طريق لمواجهة الأزمة تداول بعناوينها مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تقوم على محاولة إعادة جمع الحكومة بعد التفاهم على صيغة لا ينظر إليها من دول الخليج بصفتها استفزازاً إضافياً، كحضور الوزير قرداحي لاجتماع الحكومة، وأن تبادر الحكومة في اجتماعها لتظهير عزمها على معاجلة الإشكاليات المثارة من الجانب السعودي والسعي لطلب مبادرات ووساطات للحوار حولها، لتوضع الحصيلة أمام وزير خارجية قطر الذي يتوقع وصوله إلى بيروت وفقاً لوعد أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني للرئيس ميقاتي، بينما تقول مصادر متابعة لموقف ثنائي حركة أمل وحزب الله أن الثنائي لا يجد في الأفق فرصاً ناضجة لحلول في ظل السقوف العالية للموقف السعودي والتزام الدول الخليجية التي واكبت الموقف السعودي بموجب تضامن أعضاء مجلس التعاون الخليجي مع الموقف السعودي، كما أبلغ قادتها للمسؤولين اللبنانيين، بحيث يصبح إرضاء السعودي المستحيل هدفاً لا يتحقق باستقالة الوزير قرداحي كي يكون ثمة مشروعية وطنية لطلب ذلك منه، وتضيف المصادر أن الثنائي لم يتخل عن موقفه الذي يربط عودة الحكومة للاجتماع بالتوافق على حل لقضية المحقق العدلي طارق بيطار.
مصادر سياسية متابعة للملف الحكومي والأزمة مع السعودية تقول لـ”البناء” إن ما أنجزه الرئيس ميقاتي في الخارج مهم وكبير ولا يجوز استهلاكه بمساع لا جدوى منها لعقد الحكومة بصورة عاجلة، ولا بالسعي لحل مستحيل راهناً مع السعودية، داعية للاستناد إلى هذا الدعم الخارجي لتفعيل عمل اللجان الحكومية والتساكن البارد مع أزمتي القاضي بيطار والتصعيد السعودي، خصوصاً أن اللجان الحكومية تعمل على ملفات التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتحسين التغذية الكهربائية وستحتاج هذا الشهر وربما الشهر المقبل لتظهير النتائج، وخلال هذه المدة ستتكفل التطورات بتحريك الأمور إلى الأمام، فيكون مصير القاضي بيطار قد حسم إما بتنحيته في الدعاوى القضائية أو بإعادة قراره الاتهامي ونهاية مهمته، كما ستكون الأزمة مع السعودية قد تحركت تحت تأثير ما هو أهم منها، سواء في تطورات مرتقبة في جبهة مأرب اليمنية، أو في عودة مفاوضات الملف النووي الإيراني في فيينا، وقالت المصادر إن ملء الوقت اللازم لنضوج الحلول باللجوء إلى الجامعة العربية عملاً بالمادة الخامسة من ميثاقها لفض النزاعات عن طريق الوساطة أو التحكيم يمكن أن يشكل الخيار الأمثل بإعداد لبنان لمراجعة سياسية قانونية يتوجه بها إلى الأمانة العامة للجامعة العربية طلباً لاجتماع على مستوى وزراء الخارجية العرب، يطرح فيه خلافه مع السعودية ويحرك موفديه إلى العواصم العربية طلباً لتأييد طلبه بالوساطة أو التحكيم في الخلاف مع السعودية، بحيث تنضج دعوته بالتزامن مع تبلور ظروف مناسبة لتقدم الحلول.
حتى الساعة، يبدو أن الأزمة الدبلوماسية بين لبنان والسعودية خارج الحل، فكل الوساطات والدعوات والاتصالات مع الرياض لتليين موقفها تجاه لبنان باءت بالفشل، ربطاً بمساعي كويتية وقطرية لم تتوقف إلا أنها تربط الأمر بضرورة أن يستقيل الوزير جورج قرداحي أو تتم إقالته من قبل مجلس الوزراء، وهذا الأمر وفق المعلومات لا يزال محل رفض من حزب الله الذي تقول مصادره لـ “البناء” إن إقالة قرداحي لا يمكن التسليم بها على الإطلاق لأنها ستكون بمثابة الخنوع للأوامر السعودية وهذا الأمر مرفوض، ولو حصل سوف يرتب تبعات على المستوى الداخلي. وتعتبر المصادر أن المسألة أكبر من تصريح قرداحي، بخاصة أن العبارة التي أغضبت الرياض تكاد تسمع كل يوم من مسؤولين أمميين ودوليين، مذكرة بأن النائب السابق وليد جنبلاط وصف الحرب في اليمن بالعبثية فلماذا لم تقم الدنيا وتقعد ضده، بالتالي فإن المسألة أعمق بكثير من تصريح وزير وهي تتصل بأبعاد إقليمية يمنية، خاتمة بالقول لقد أصبحنا في مرحلة التصفيات والأمور في المنطقة سوف تتضح خلال الأشهر المقبلة وعندها سوف يتغير التعاطي الخليجي مع لبنان.
إلى ذلك، لفتت معلومات “البناء” إلى أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من المرجح أن يزور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الساعات المقبلة وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري للتشاور في عقد جلسة لمجلس الوزراء وكيفية معالجة الأزمة مع دول الخليج. مع إشارة مصادر مطلعة إلى أن من المستبعد أن يجتمع مجلس الوزراء لإقالة قرداحي إذا لم يقدم هو استقالته.
وكان الرئيس عون تابع من خلال سلسلة اتصالات لمعالجة الأوضاع التي نشأت عن قرار عدد من دول الخليج سحب سفرائها من لبنان والطلب إلى السفراء اللبنانيين فيها مغادرة أراضيها، ورصد ردود الفعل الغربية والدولية ودرس السبل الآيلة لمعالجة الوضع المستجد، لا سيما في ضوء اللقاءات التي عقدها الرئيس ميقاتي مع عدد من القادة العرب والأجانب على هامش “مؤتمر المناخ” في غلاسكو. واطلع الرئيس عون على التقارير الواردة من البعثات الديبلوماسية اللبنانية في الخارج التي تناولت أوضاع اللبنانيين في عدد من الدول الخليجية.
ووضع وزير الخارجية عبدالله بو حبيب الرئيس عون في صورة التطورات الجارية بعد الأزمة مع السعودية ودول الخليج وأعاد التأكيد أن موقف لبنان واحد حيال ضرورة قيام أفضل العلاقات وعدم جواز تأثّر هذه العلاقات بأيّ مواقف فرديّة”. أضاف “لبنان يعتبر أن أيّ إشكالية تقع مهما كان حجمها بين دولتين شقيقتين مثل لبنان والسعودية لا بدّ أن تُحلّ من خلال الحوار والتنسيق بروح من الأخوة فكيف إذا كانت المشكلة صدرت عن شخص… ما حصل في الأيام الماضية يجب أن يقف عند حقّ تغليب المصلحة العربيّة المشتركة وعدم صبّ الزيت على النار، لا سيما أنّ لبنان لم يكن يوماً ولن يكون معبراً للإساءة إلى أيّ دولة”.
وفي السياق، استقبل الرئيس عون في قصر بعبدا وزير العدل القاضي هنري خوري وتداول معه الأوضاع العامة والمضاعفات المتأتية عن الإجراءات التي اتخذها عدد من دول الخليج بحق لبنان. وأوضح خوري أن “الاتصالات مستمرة لمعالجة ما استجد ويفترض أن يتبلور الموقف بعد عودة الرئيس ميقاتي من لندن مساء”.
إلى ذلك، لا تخفي أوساط سياسية بارزة لـ “البناء” أن ثمة من سارع إلى التقاط الأنفاس بعد الحملة على الوزير قرداحي، للبدء بالمعركة الانتخابية، مستفيداً من الدعم السعودي، وتتخوف المصادر من لجوء السعودية إلى دعم المتشددين من قوى سياسية على حساب الاعتدال في بيروت وطرابلس.
وقال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم: إن “القوات اللبنانية تستفيد من الحرب والفتنة ولكن حزب الله لا يرى بذلك مصلحةً للبنان، والقوات هي الجهة الوحيدة التي تتقاضى مخصصات من السعودية”.
ودعت وزارة الخارجية الأميركية، أمس، إلى إبقاء القنوات الدبلوماسية مفتوحة بين لبنان ودول الخليج لتحسين ظروف اللبنانيين. وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، التقى على هامش المؤتمر حول المناخ في غلاسكو، بنظيره الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وبحث الوزيران التطورات في لبنان وسورية. وأكدت الخارجية الأميركية أن حزب الله يهتمّ بمصالح إيران أكثر من اهتمامه بمصالح اللبنانيين، متهمة الحزب بأنه أحد الأسباب الرئيسة لتفاقم أزمات لبنان.
وكان السفير السعودي وليد بخاري غرد رداً على تصريحات نسبتها “عكاظ” إلى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ونفاها الأخير قائلاً “تكمُنُ الأزمةُ تحديداً في أن القديمَ يُحْتَضَرُ وَالجديدَ لم يُولدْ بعد وفي ظلِّ هذا الفراغِ يظْهَرُ قَدرٌ هائلٌ من الأعْراضِ المَرَضِيَّة”.
وكانت وكالة “رويترز” نقلت عن مسؤول إيراني مقرب من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، تعليقهم على الأزمة العاصفة بين السعودية ولبنان قولهم “إن تحرك الرياض يظهر أن السعوديين يخسرون أمام إيران على الجبهة الدبلوماسية ويحتاجون إلى بعض النفوذ. وبينما أظهرت الأزمة أن السعودية قادرة على “عزل لبنان”، فإنها لن تكون قادرة على عزل حزب الله”.
في المواقف، دعا المطارنة الموارنة إثر اجتماعهم الشهري في بكركي برئاسة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي “المسؤولين في الدولة إلى الإسراع في ترميم العلاقات مع دول الخليج، وإزالة أسبابها، وعودة حركة التصدير والاستيراد معها. وشددوا “على أن ظروف البلاد المأسوية كانت تقتضي أن تتألف حكومة في منأى عن التسييس، مهمتها الأساسية استجابة الشروط الدولية الموضوعة لمساعدة لبنان، لا سيما البدء بتنفيذ الإصلاحات على كل صعيد. وبينما تمسك المطارنة بإجراء الانتخابات في مواعيدها، أكدوا أن خلاص البلاد الوحيد يكمن في تعزيز حضور الدولة الأمني والاجتماعي، وعملها على إحقاق الحقوق وسيادة العدالة، من خلال تحرير القضاء من التسييس والتطييف، وإطلاق يده في التحقيقات العائدة إلى تفجير مرفأ بيروت من جهة، وتلك العائدة إلى أحداث الطيونة.
هذا وأفيد أن وكلاء الدفاع عن النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل تقدما بطلب رد الغرفة 12 في محكمة الاستئناف المدنية التي تنظر بطلب الرد الثاني المقدم من قبلهما، وذلك بعدما ردت الطلب الأول شكلاً لعدم الاختصاص.
إلى ذلك من المتوقع أن تحدد شركة ألفاريز آند مارسال تاريخ البدء بعملية التدقيق الجنائي بعد الانتهاء من دراسة إجابات مصرف لبنان على 133 سؤالاً كانت طرحتها، ووفق المعطيات فإنها ستعمل على استقدام فريق من الخبراء والمدققين للبنان، لتتمكن خلال 12 أسبوعاً من إعداد تقرير أولي يتضمن واقع الحال في البنك المركزي والأرقام، وهذا الأمر سيستمر حتى لو انتهى مفعول القانون المتعلق بالسرية المصرفية.
وترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري اجتماعاً لهيئة الرئاسة والمكتب السياسي والهيئة التنفيذية واللجان الانتخابية في حركة أمل، وأعطى توجيهاته للهيئات الحركية ولنواب كتلة التنمية والتحرير للمباشرة بإعداد الدراسات اللازمة واقتراحات القوانين الضرورية، لا سيما المتعلقة بإلزام الحكومة والمصرف المركزي والمصارف تثبيت وحفظ حقوق المودعين لودائعهم، ووضع التشريعات الكفيلة بإعادتها لأصحابها بحسب المسؤولية والدور، وإسقاط كل عمليات التقادم بمرور الزمن أو غيره، والضغط الجدي مع الحكومة لوضع قانون البطاقة التمويلية موضع التنفيذ.
وعرض وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي مع رئيسة وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع بلدان الشرق الأوسط إيزابيل سانتوس في تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، وفي الانتخابات النيابية المرتقبة وكيفية ادارتها، فضلاً عن موضوع هيئة الإشراف على الانتخابات، وأفيد بأن الاتحاد الأوروبي سيعمل على إرسال نحو 200 مراقب للعملية الانتخابية.
معيشياً، وبينما يستعد موظفو القطاع العام لإضراب اليوم احتجاجاً على أوضاعهم المعيشية، سجّلت أسعار المحروقات ارتفاعاً إضافياً أمس. وأوضح ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، تعليقاً على شكاوى المواطنين من عدم توافر مادة المازوت في بعض المحطات، أنه “يتم دفع ثمن المازوت للشركات المستوردة ولمنشآت النفط التابعة للدولة اللبنانية بالدولار، أما تسعيرة جدول الأسعار، فلا توازي سعر دولار السوق”. وقال “لا يمكننا تحمل الخسائر الناجمة عن جدول الأسعار”.
وسجل سعر ربطة الخبز ارتفاعاً إضافياً، حيث بلغ سعر الربطة من الحجم الكبير 9500 ليرة. وللغاية، قرر وزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام تشكيل خلية أزمة لمواكبة تطور تقلبات الأسعار في كلفة صناعة الرغيف للتصدي بأقصى درجة لمسألة ارتفاع ثمن ربطة الخبز والعمل على إبقائها بمتناول اللبنانيين، على أن تبقى اجتماعات الخلية مفتوحة لهذه الغاية.