كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية تقول: رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، العائد من مؤتمر قمة المناخ، يواجه منخفضاً سياسياً حاداً، وهو الذي غادر على أزمة كبيرة بعد توقّف جلسات مجلس الوزراء عشية أحداث الطيونة على خلفية مطالبة الثنائي الشيعي بتغيير المحقّق العدلي، القاضي طارق البيطار. وها هو يعود وقد انفجرت أزمة أكبر والمطلوب منه إيجاد المخرج اللائق للأزمة الدبلوماسية بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي بعد الاحتجاج الخليجي على الموقف الذي أدلى به وزير الإعلام، جورج قرداحي، مع توقع المزيد من الإجراءات المرتقبة إذا لم يسارع لبنان لحل هذه الأزمة بما يرضي هذه الدول، ويعيد العلاقة معها إلى ما كانت عليه من قبل، وضمان عدم التعرّض لدول مجلس التعاون لإساءات مشابهة قد تحصل في المستقبل.
الرئيس ميقاتي الذي سيلتقي رئيسَي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري، للاستئناس برأيهما ووضعهما في أجواء الاتصالات التي أجراها مع رؤساء الوفود الذين التقاهم، والطلب منهما مساعدة لبنان على حل الأزمة مع السعودية، لم يخف انزعاجه من تردّد وزير الاعلام بتقديم اعتذارٍ واضح من السعودية على ما تصفه المملكة بالإساءة والتدخل بشؤونها، أو حتى التقدم باستقالته كمخرجٍ لائق لهذه الأزمة. وكان ميقاتي قد طلب من قرداحي منذ اليوم الأول للأزمة تحكيم الضمير، واتخاذ الموقف اللّازم أي الاستقالة من الحكومة، لكنّه رفض ذلك بحجة عدم تحمّله وحده المسؤولية، بالإضافة إلى دخول أطراف أخرى مؤيدة له منعته من الاستقالة.
فهل سيصرّ ميقاتي على استقالة قرداحي؟ وكيف سيتمكّن من إقناع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الذي يرفض استقالة الوزير المحسوب عليه، والجهات الأخرى المعارضة لهذه الاستقالة؟ وأمّا السؤال الأهم فهو: هل أنّ اسقالة قرداحي كافية لإعادة المياه إلى مجاريها بين لبنان والسعودية، ومن خلفها دول مجلس التعاون الخليجي؟ وإذا نجح ميقاتي بحل هذه الأزمة، فكيف يمكنه أن يلملم شتات الحكومة بعد تعليق جلسات مجلس الوزراء؟
مصادر مواكبة للتطورات القائمة لفتت في اتصالٍ مع “الأنباء” الإلكترونية إلى صعوبة كبيرة أمام ميقاتي لحل هاتين الأزمتين، فلا الأزمة الدبلوماسية المستجدة سهلٌ حلّها لأنها ليست متوقفة فقط عند كلام قرداحي، بل هي نتيجة تراكمات وأخطاء متعمدة ارتُكبت، ضد السعودية بالتحديد، منذ بداية عهد الرئيس عون والمواقف، وخروج وزير الخارجية، جبران باسيل، عن الإجماع العربي من التطورات في سوريا واليمن، وتفرّده بالمطالبة بعودة سوريا إلى الجامعة العربية، في الوقت الذي كان فيه النظام في سوريا يقصف الشعب السوري الأعزل بالبراميل المدمّرة. وذلك غيضٌ من فيض من عشرات الأخطاء التي ارتُكبت بحق السعودية من جهات حزبية معروفة بانتمائها لمحور الممانعة حتى طفح الكيل في نهاية المطاف، ولذلك من الصعب أن تحلّ الأزمة باستقالة وزير ارتكب خطأً.
المصادر طالبت بحوار مسؤول وجاد يجري على أرفع المستويات بين مسؤولين لبنانيين وآخرين سعوديين للاتفاق على ميثاق شرف يلتزم به لبنان باعتبار حرية الرأي التي يتغنّى بها اللبنانيون تمنعهم من التعرّض لأشقائهم العرب، تحت طائلة الملاحقة القانونية.
أمّا على صعيد إعادة استئناف جلسات مجلس الوزراء جلساته، فلم تحدّد المصادر ما إذا كان الرئيس ميقاتي يحمل حلولاً لهذه الأزمة التي هي بعهدة الثنائي الشيعي، والذي لم يُعرف بعد إذا كان يدعم عودة مجلس الوزراء إلى الانعقاد أم لا قبل حل عقدة القاضي بيطار.
من جهتها، أوساط بعبدا نقلت إلى “الأنباء” الإلكترونية رغبة الرئيس عون باستئناف جلسات الحكومة التي أمامها ملفات كثيرة يجب إنجازها، وفي مقدّمها الإصلاحات، والتدقيق الجنائي، والتحضير للانتخابات، والتعيينات في المراكز الشاغرة، آملةً أن تكون الأمور جاهزةً لدعوة مجلس الوزراء للانعقاد لتسيير عجلة الدولة، وهذا الأمر، حصراً، من صلاحية الرئيسين عون وميقاتي.
بدورها، تحدثت مصادر عين التينة لـ”الأنباء” الإلكترونية عن انفراجات متوقع حدوثها هذا الأسبوع على صعيد إعادة إحياء جلسات الحكومة انطلاقاً من المبادرة التي اتفق عليها الرئيس بري مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في ما خصّ القاضي بيطار، متوقعةً اجتماع الحكومة هذا الأسبوع، أو الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، بعد معالجة الأزمة الدبلوماسية مع السعودية.
تزامناً، أشار عضو كتلة الوسط المستقل، النائب علي درويش، في حديثٍ مع “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّ عودة الرئيس ميقاتي من الخارج ستعكس تطوراً للخروج من الأزمة انطلاقاً من وضع الرئيسين عون وبري في أجواء الاتصالات التي أجراها مع رؤساء الوفود الذين التقاهم، ومروحة الاتصالات التي شملت معظمهم، وحصل منهم على وعود لخروج لبنان من الأزمة التي يعيشها، متوقعاً إجراءً جامعاً على خط الأزمة مع السعودية ولا يؤدي إلى صدامٍ داخلي على حساب العلاقات العربية، أو العلاقات العربية على حساب الداخل، وبالأخص بعد أن اشتد منسوب الصراع، فلا بد من نشاطٍ استثنائي لخفض مستوى التوتر، ولا بد للحكومة من اتّخاذ القرار التنفيذي اللبناني ليكون أحد الأماكن التي تجمع اللبنانيين.
وأكّد على أنّ، “الرئيس ميقاتي يحترم الجميع، والحفاظ على كرامات الجميع. وقد تكون استقالة الوزير قرداحي جزءاً من حل المشكلة، ومن الضروري أن يدخل الجميع في عملية التهدئة”، معتبراً اجتماع الحكومة أحد المؤشّرات لرأب الصدع، وتقطيع المرحلة التي نعيشها.