كتبت صحيفة الجمهورية تقول:”جملة عناوين وملفات متفجرة مُلقاة دفعة واحدة في الحقل اللبناني المأزوم اقتصاديا ومعيشيا، والمفخّخ أصلا بالإنقسامات والإصطفافات السياسية والطائفية، وبالإرادات المكشوفة لتصفية الحسابات بين هذا الطرف وذاك.
كل تلك العناوين والملفات تستبطن فتائل وصواعق تفتح البلد على توتّرات سياسية وقضائية لا سقف لها، في غياب أيّ محاولة جديّة لنزعها أو صبّ المياه الباردة عليها، وتؤشّر الى أنّ الاسبوع المقبل هو اسبوع متفجّر بامتياز، ويصادف انه الاخير للسنة الخامسة من ولاية الرئيس ميشال عون، ويُنذر بخاتمة نارية لها. في وقت تبدو الحكومة مقيّدة ومغلوب على أمرها، وغير قادرة على الاجتماع في جلسة لمجلس الوزراء
إشتباك تشريعي
واذا كانت فاتحة الاسبوع المقبل ستستهل باجتماع لهيئة مكتب المجلس النيابي الاثنين المقبل، يليه تحديد جلسة تشريعية قبل نهاية الشهر الجاري، تبدو مرشّحة لاشتباك رئاسي مع مجلس النواب، بعدما ردّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس، القانون الانتخابي كما اقره مجلس النواب في جلسته الثلاثاء الماضي، الى المجلس لإعادة النظر فيه.
وبحسب بيان القصر الجمهوري فإن رئيس الجمهورية استند في الرد الى دراسات قانونية ودستورية عدة، والى قرارات صادرة سابقاً عن المجلس الدستوري، ومواد من الإعلان العالمي لحقوق الانسان، لشرح المخالفات التي يتضمنها القانون المذكور، خصوصاً لناحية تقصير المهلة الدستورية لموعد اجراء الانتخابات وما يمكن ان تتسبب به من عدم تَمكّن ناخبين ممارسة حقهم الانتخابي بسبب «العوامل الطبيعية والمناخية التي غالباً ما تسود في آذار (امطار وعواصف رعدية وثلوج)، لا سيّما في المناطق الجبلية والجردية، فيتعذر انتقال الناخبين الى أقلام اقتراعهم في تلك المناطق، فضلاً عن الاكلاف التي سوف يتكبدون عن هذا الانتقال، وعدم إمكانية تزوّد الأقلام بالطاقات الكهربائية العادية المحرزة او البديلة».
ولفت عون في مرسوم الرد، الى ان تقصير المهل من شأنه ان يحول دون تمكّن الناخبين المقيمين خارج لبنان «من ممارسة حقهم السياسي المحفوظ في القانون الانتخابي الراهن بأن يقترعوا لممثلين لهم في الدائرة الانتخابية المخصصة لغير المقيمين في الدورة الانتخابية التي نحن على مشارفها». كما ان هذا القانون «يحرم من حق الانتخاب 10685 مواطناً ومواطنة من جميع الطوائف، يبلغون سن الـ21 في الفترة الممتدة بين 1 شباط و30 آذار 2022».
بري: اللجان المشتركة
وفور تبلّغه الرد، سارع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى دعوة لجلسة للجان المشتركة في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الثلاثاء الواقع فيه 26 تشرين الاول 2021 وذلك لدرس رد قانون الإنتخاب.
الى ذلك، تؤكد الأجواء النيابيّة ان الرد هو حقّ دستوري لرئيس الجمهورية لا ينازعه أحد فيه، والمجلس النيابي سيتناول الرد الرئاسي بكل جدية وموضوعية، وفي النهاية الكلمة الفصل للنواب، لناحية الاخذ بأسباب الرد الرئاسية، او الاصرار على القانون كما تم اقراره في جلسة الثلاثاء، والاصرار عليه يتطلب الاكثرية المطلقة من عدد النواب الذين يؤلفون مجلس النواب، أي 61 نائباً ربطا بالعدد الحالي للمجلس (120 نائبا).
وقالت مصادر نيابيّة لـ«الجمهورية»: لا نرى أي سبب يوجب الرد، خصوصا ان التعديلات التي ادرجت في القانون كان لا بد منها تسهيلاً لإجراء العمليات الانتخابية وعدم تعريض الانتخابات للطعن فيها.
وردا على سؤال، قالت: «ان المجلس سيناقش حتما القانون الانتخابي مجددا وفق الاسباب التي استند اليها رئيس الجمهورية لرده. وسيأخذ بها إن كانت مُقنعة وتتوخى تصويت خلل، وما لاحظه رئيس الجمهورية في هذه التعديلات يستوجب تداركه وتصحيحه، امّا إذا كان الرد مستندا الى رغبات وأهواء جهات سياسية معيّنة فهذا أمر آخر، وبالتاكيد فإن المجلس النيابي لن يسير فيه».
إشتباك سياسي – قضائي
على ان الاشتباك الذي يبدو أنّه سيكون أعنف، فهو مربوط من الآن بصاعقين، الأول مع التحقيقات المرتبطة بما حدث في الطيونة وبتداعيات استدعاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الى سماع افادته حول الطيونة، وهو الامر الذي ربط فيه جعجع استجابته لهذا الاستدعاء باستدعاء الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله قبله.
وفيما أُفيد بأن المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات جَمّد قرار مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي باستدعاء جعجع، لمدة 3 ايام. نفى القاضي عويدات ذلك، وقال «ان الامر غير صحيح ولم يصدر هكذا قرار وبالشكل الوارد فيه، إنما اشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بتكليف مديرية المخابرات للاستماع الى رئيس حزب القوات اللبنانية هو موضوع متابعة من قبل السلطات المعنية لمعرفة ما اذا كان التكليف يرتّب استجواباً في فرع المخابرات ام عند القاضي صاحب التكليف من دون ان يكون هناك اي تحديد لاي مهلة زمنية».
ولفتت بالامس تغريدة لجعجع اشار فيها الى أنّه «تحت القانون كرئيس حزب لبناني شرعي، ولكن لتستقيم العدالة على القضاء ان يتعاطى مع كل الأطراف في البلد على أساس انهم تحت القانون». واضاف: «يظهر ان الطرف الأساسي في أحداث عين الرمانة يعتبر نفسه فوق القانون، وللأسف يجاريه القضاء العسكري حتى الآن بهذا الاعتقاد».
لن يحضروا
المعلومات المؤكدة لـ»الجمهورية» ان الرئيس دياب وكذلك النائبين زعيتر والمشنوق لن يحضروا الى جلسات الاستجواب، انطلاقاً من عدم صلاحيّة المحقّق العدلي، بل انّ الصلاحيّة هي للمجلس الاعلى لمحاكة الرؤساء والوزراء. وثمة حديث في الاوساط السياسية والقضائية عن توجّه لدى المحقق العدلي لقطع مذكرات توقيف غيابية في حقّهم في حال تغيبوا عن جلسات الاستجواب، على غرار ما حصل من الوزير السابق يوسف فنيانوس وبعده النائب علي حسن خليل.
وفي وقت تسود فيه حال من الانتظار لما ستؤول اليه حركة الاتصالات والاجتماعات السياسية والقضائية في شأن مصير التحقيق، حيث لم يتبلور اي مخرج لهذه العقدة حتى الآن، وسط انقسام واضح في الموقف حيال المحقق العدلي بين من يدعو لاستبداله وإزاحته عن ملف انفجار مرفأ بيروت، وبين رافض للتدخل بعمل القضاء، والنيل من القاضي البيطار لمجرّد انه يقوم بواجباته. ويتزامن ذلك مع الاعلان عن ان مجلس القضاء الاعلى لم يصل الى اتفاق حتى الآن للاستماع الى المحقق العدلي القاضي البيطار، وتبعا لذلك ترك اجتماعاته مفتوحة.
وفي الجديد القضائي حيال هذا الملف، أنّ المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان، صادقَ على قرار مجلس الدفاع الأعلى الذي رفض إعطاء الإذن للمحقق العدلي القاضي البيطار، بملاحقة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا. كما صادق قبلان على قرار وزير الداخلية بسام المولوي الرافض إعطاء الإذن لملاحقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
ويأتي قرار القاضي قبلان بعد ساعات من مراسلة المحقق العدلي القاضي البيطار النيابة العامة التمييزية للبت في الخلاف مع وزير الداخلية بسام المولوي في ملف اللواء ابراهيم، وكذلك مراسلته المجلس الاعلى للدفاع لإعطائه الاذن بملاحقة اللواء طوني صليبا. فيما لفت بالامس، القرار الصادر عن الهيئة الاتهامية في بيروت المؤلفة من القضاة الرئيس ماهر شعيتو والمستشارين جوزف بو سليمان وبلال عدنان بدر حول إجراءات التوقيفات وتخلية السبيل لعدد من المدعى عليهم، واكدت فيه أن التوقيف من دون أدلة كافية وعدم التوسع في التحقيق لاستكمالها غير جائز استمراره».
ترقّب
في موازاة ذلك، قالت مصادر الثنائي الشيعي لـ«الجمهورية» انها تترقب ما ستنتهي اليه الجهود الرامية الى بلورة مخرج تصويبي لمسار التحقيق العدلي.
واذ اشارت المصادر الى ان اسباب ارتياب اضافية بالمحقق العدلي تجلت في انقسام ذوي شهداء المرفأ، حيث تأكّدَ للشريحة الكبرى بينهم أن المحقق العدلي يحيد عن مسار الحقيقة ويمارس الاستنساب المتعمّد»، قالت: «لا حل على الاطلاق لهذه المسألة الّا بإبعاد المحقق البيطار عن هذا الملف بالنظر الى الاستنسابية الفاقعة التي يمارسها، وتجاوزه الاصول القانونية والدستورية».
وفي السياق ذاته، علمت «الجمهورية» ان ملف التحقيق العدلي محور اتصالات ومشاورات مكثفة على مستوى المراجع السنية الدينية والسياسية. مترافقة مع تواصل مباشر بين مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس المجلس الينابي نبيه بري اللذين يلتقيان على رفض اداء المحقق العدلي.
وفي وقت يلوح فيه في الافق احتمال تطور مسار التحقيق العدلي في انفجار المرفأ الى حد اصدار مذكرات توقيف بحق المدعووين الى جلسات الاستجواب امام المحقق العدلي الاسبوع المقبل ومن بينهم رئيس الحكومة السابق حسان دياب، لفتت مصادر مطلعة على الاجواء السنية لـ«الجمهورية» الى «ان الجوّ السني مستفزّ من التعرّض للرئاسة الثالثة»، مشيرة الى أنه ستكون لدار الفتوى كلمتها الحاسمة حيال هذا الامر، تؤكد من خلالها على رفض الافتراء والاستنساب السياسي وانه من غير المسموح على الاطلاق ان تُهان رئاسة الحكومة».