أدلى النائب حسن فضل الله بالتصريح الآتي:
بينما يستعد اللبنانيون لاستقبال المازوت الإيراني، وعلى أبواب وصول الباخرة الأولى، بدأت تتكسر أبواب الحصار الأميركي، وتنفتح خيارات أمام لبنان للتخفيف من وطأة أزمته بعد اضطرار الإدارة الأميركية إلى التراجع عن تهديداتها وضغوطاتها القصوى أمام إرادة مقاومة لبنانية صلبة لا تؤخذ بلغة التهديد، ولا تخضع للضغوط.
لقد حاولت تلك الإدارة استخدام الحصار لفرض إرادتها على اللبنانيين، قبل أن تكتشف الإرتدادات السلبية والعكسيَّة لسياساتها الفاشلة، واصطدامها بوقائع لبنانية لم تكن بحسبانها، لتكون أمام هزيمة سياسية جديدة فرضتها معادلة: “الباخرة هي أرض لبنانية”
إنّ حمولة هذه الباخرة ستكون طلقة دقيقة تكسر الحصار المالي والاقتصادي والسياسي المفروض على شعبنا، خصوصًا أنها ستصل إلى مستحقيها بآلية شفَّافة معلنة لا مكان فيها للمحتكرين والمهربين وسماسرة السياسة وجمعيات الاستثمار الأميركي المتاجرين بآلام الناس.
إنِّ الفوائد التي حملتها الباخرة الأولى لم تقتصر على المازوت فحسب، فجردة سريعة تبين أنها حملت معها أيضًا إسقاطًا أميركيًّا للفيتو المفروض على التواصل الرسمي اللبناني مع سوريا، كجزء من مندرجات الإقرار الأميركي بالتراجع عن منع استجرار الكهرباء والغاز عن طريق سوريا؛ فأعيد هذا التواصل بعد طول تمنُع، وهو الفيتو الذي طالما طالبنا بتحديه، لأنّ الخضوع له يتسبّب بأضرار بالغة لاقتصاد لبنان ومصالحه الوطنية، وبالمقابل روّجت له جهات لبنانية هي نفسها التي تروّج اليوم لمتغيرات الموقف الأميركي.
كما حملت الباخرة معها مسارعة وفد الكونغرس إلى بيروت لحجز موقف على عتبة وصول طلائع قافلة البواخر، في محاولة بائسة للتعويض عن الخيبة الأميركية، وكذلك مسارعة الأمم المتحدة إلى تخصيص مبلغ عشرة ملايين دولار لتزويد المستشفيات ومصالح المياه بالمشتقات النفطية.. وأيضًا التراجع المؤقت في لبنان عن قرار رفع الدعم الكامل عن المحروقات الذي قرره المصرف المركزي .. وغيرها من النتائج الاقتصادية والسياسية التي تظهر تباعًا لتُحقق الباخرة مزيدًا من الأهداف لمصلحة اللبنانيين جميعًا.
إنَّ مبادرة حزب الله الانسانية هي واحدة من أوراق القوة الكثيرة التي تمتلكها المقاومة، للدفاع عن حقوق اللبنانيين بالحياة الكريمة، وقد شكلت مفاجأة غير متوقعة ومربكة للإدارة الأميركية وممثليها في لبنان، وكشفت عن خواء التهويل بالعقوبات الذي لا ينفع مع مقاومة مصممة على منع إسقاط شعبها، وهو تهويل تنخرط فيه أصوات لبنانية اعتادت تقديم أوراق أعتماد بالية “للسفارة” ، فلا تكترث لمعاناة الشعب الذي أيد بغالبيته تلك المبادرة، لأنه توّاق للخروج من الاصطفافات الطائفية والسياسية إلى رحاب المعالجات الوطنية، وتلك الأصوات لم تتعلم بعد من دروس خيانات أميركا لجماعاتها كما حصل مؤخرًا في افغانستان.
إنَّ لبنان أمام فرصة حقيقية لاستثمار عناصر القوة التي يمتلكها، والاستفادة من موقف المقاومة لفرض الخروج من حالة الإنهيار، وكسر الحصار، والحصول على المساعدات، وهو ما يتطلب من جميع الحريصين على بلدهم عدم تضيع هذه الفرصة، وملاقاة ما تنجزه المقاومة بخطوات داخليَّة لإخراج لبنان من ازمته، ومفتاحها تشكيل الحكومة العالق في أقفال الحسابات الضيقة، وأوهام المكاسب السياسية، وتفكيكها يحتاج إلى صدق النوايا، والارتقاء بالحس الوطني حيال مخاطر ما وصل إليه لبنان، والخروج من أي اعتبارات مهما علا شأنها، لأنِّها لا تستوي في أي حال من الأحوال مع واقع الحال الذي يعيشه اللبنانيون.