إبراهيم درويش_ العربي المستقل
قد يكون التعريف المرتبط بالإحتكار، هو الإحتكار المادي، وحصر السلع بنافذين، يملكون القدرة على اقتناء المواد، والتحكم بوفرتها وسعرها.
هذا المصطلح أثبت اللبنانيون أنه موهبة، تميزوا بها، واستحكموا في مزاياها، على وقع أزمات مرعبة تعصف بالبلاد، فتبادر النافذون والكارتيلات، الى تناتش ما تبقى من قدرات خائرة للمواطن.
لكن ليس هذا النوع من الإحتكار، هو الوحيد السائد في بلاد الأرز تحديدا، إنما بات اللبنانيون أمام إحتكار معنوي، لا يقل خطورة عن الإحتكار المادي.
في الرابع عشر من شباط من 2005، أصر النافذون سياسيا على إحتكار إغتيال الرئيس الراحل رفيق الحريري، وتحوير الإغتيال من محطة جامعة، تحظى برفض وسخط جميع المكونات، الى مناسبة سياسية، ومنصة لتمرير الرسائل، بهدف الكسب السياسي.
واذا كان اغتيال الرئيس الحريري، قابلا للتسييس، من بوابة الإختلافات والصراع، فهذا الأمر لا يمكن أن ينسحب على الرابع من آب، الذي تحول فاجعة، عصفت بكل اللبنانيين، على إختلاف مشاربهم وإنتماءاتهم.
شعبيا يقال “المصيبة بتلم”، الا في هذا المجتمع المريض، الذي تشكل فيه أي مصيبة، فرصة مؤاتية، للمنتفعين والمستفيدين. وهذا ما يتجلى في محاولة جهات محلية، واقليمية، ودولية، الى تحويل هذه المناسبة فرصة للاستئثار وتحقيق المكاسب.
فهنا لاعب دولي، يحط الرحال في لبنان، بحجة التضامن مع شهداء المرفأ، لكن سرعان ما يتكشف المشهد، بأن ما الزيارة الا “بزنس” خاص على حساب أوجاع الناس ومآسيهم.
من منّا لم يقتل في الرابع من آب؟ من منّا لم تستقر شظايا الإهمال والفساد، والقتل المتعمد في قلبه؟ الا أن جهات سياسية، ومجموعات معروفة الوجهة والإنتماء، تحاول تحويل هذه الكارثة، الى منصة في خدمة مشاريعها.
لا يا سادة، نحن من لم نستفد من الفساد، ولا من المحاصصة، نحن من نكدّ على رزقنا، بعصامية وسعي، نحن من شربنا المر والعلقم هنا، وتجرعنا كؤوس سموم الحقد والمذهبية والطائفية، وعصف بنا كل هذا القتل الممنهج منذ ولدنا، أبناء وذوي الشهداء، نحن من نريد معرفة الحقيقة، وسوق المتسببين، والمهملين، والمقصرين، الى المحاكمات، وما أنتم الا ثلة محتكرين، بوجوه مخادعة.
فهلا تركتم، آل الشهداء، لأوجاعهم، ولقدسية مناسبتهم! علهم يجتازون أسلاك الهيمنة السياسية ، الى القضاء العادل.