اعترافات وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الاعمال محمد فهمي الأخيرة، واتهاماته المتكررة بوجود فساد قضائي، وإعلانه عن تحويل وزارة الداخلية ملفات فساد الى القضاء من دون أن يتمّ استدعاء أحد حتى اللحظة، يبدو انها فعلت فعلها واستنهضت الجسم القضائي بعدما تتردّدت اصداؤها في مختلف دوائر قصر العدل. فليست المرة الاولى التي يتحدّث فيها فهمي عن فساد في القضاء او يردّد “أن ما لا يقل عن 95 في المئة من القضاة هم فاسدون”، وان كان يقرّ بوجود اختلاف حول هذه النسبة، لكن النتيجة واحدة، في نظره، خلاصتها ان الفساد يلحق ليس فقط بسائر مؤسسات الدولة، بل ايضا بالجسم القضائي، وهو الذي يجب ان يبقى في منأى عنه وعن اي شبهات تحوم حوله، لانه ملجأ الناس الوحيد، خصوصا في هذه الايام.
تحرّك القضاء ازاء اتهامات الوزير فهمي المتكررة لم يتأخر كثيراً. فبعدما استغرب كلامه “غير الصحيح وغير المسؤول” و”الذي يسهم في التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة”، كما كان وصفه، انتقل رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود الى ترجمة ما أعلنه عن “اتخاذ الإجراءات المناسبة بهذا الشأن”، فطلب من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات في كتاب وجهه اليه ملاحقة الوزير فهمي، وأرفق كتابه بقرص مدمج يتضمن الحوار التلفزيوني مع فهمي المشكو منه. فتحرّك القاضي عويدات بدوره وكلف قسم المباحث الجنائية المركزية تفريغ القرص المدمج على ان يتخذ قراره بشأن ملاحقة فهمي في ضوء ذلك.
فهمي الذي لم يتبلّغ بأي اتهام رسمي له بعد، سارع الى الترحيب بقرار ملاحقته واستدعائه باعتباره “مواطناً لبنانياً يؤمن بدولة المؤسسات، ويخضع للقوانين المرعية الاجراء في لبنان”، وانطلاقا من “ان القضاء هو الملاذ الوحيد امام المواطنين، وان قضاة كثراً يتحلّون بالنزاهة ويتمتعون بالمناقبية والشفافية”.
ويقول فهمي لـ”نداء الوطن”: “اذا وجدوني مخطئا فانا اتحلّى بالجرأة لكي أتحمّل مسؤولية اي خطأ ارتكبته، ومستعدّ للمثول امام القضاء لأن القانون بالنسبة الي هو السلطة العليا، ويجب على الجميع ان يمثلوا امام القضاء، فهذا هو القضاء القوي الذي احلم وانادي به، هذا هو القضاء الذي اريده، القضاء الذي يستدعي كائناً من كان، اليوم بدأ يتحقّق حلمي بقضاء قوي”.
ويوضح فهمي “ان الكلام عن الفساد لا يعني بالضرورة الرشوة المالية، فالفساد له أشكال مختلفة تتوزع بين تقصير في الوظيفة والانتاجية، او في عدم احترام دوام العمل او في التأخير ببتّ الملفات، ويمكن ان يطال هذا الفساد مختلف الادارات والمؤسسات والوزارات، فالفساد لا دين له ولا هوية ولا عنوان محدد، فالخلل موجود في كل مؤسسة ويجب ان تتم معالجته، انما المؤسسة القضائية يجب ان تبقى في منأى عن اي خلل او فساد لان القضاء هو الملاذ الوحيد الآمن امام المواطنين، فإن اخطأت انا او أخطأ احد في حقّي فملجأنا جميعا حتما هو السلطة العليا، اي القضاء، المنظومة الاساسية لبناء كافة الدول في العالم، لذلك إن وجود اي خطأ، مهما بلغت نسبته ولو النصف في المئة في القضاء، ممنوع”.
ويكرر فهمي استعداده لمحاسبته اذا كان مخطئا وإذا قرروا محاسبة كل من اخطأ في البلد، ويقول: “حتى انني لن اعترض على اقالتي فقط، بل اني مستعدّ لتنفيذ عقوبة في حقي، شرط ان يطبقوا القانون على الجميع”.
ماجدة عازار :نداء الوطن