يقول مصدر نيابي وثيق الصلة بالنواب المستقيلين من «تكتل لبنان القوي» بأن رئيسه النائب جبران باسيل طرح في حلقة ضيقة استقالة نواب التكتل من البرلمان كخيار لسحب التكليف من الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة على خلفية أن استقالتهم ستفتح الباب أمام نواب كتلة «الجمهورية القوية» للتقدّم باستقالة مماثلة تدفع باتجاه إجراء انتخابات نيابية مبكرة بذريعة أن البرلمان سيفقد ميثاقيته التمثيلية باستقالة نواب حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» بعد أن سبقهم إلى الاستقالة نواب حزب «الكتائب».
ويكشف المصدر النيابي لـ«الشرق الأوسط» أن طرح باسيل استقالة نواب كتلته لم يُحسم ولا يزال في سياق التهويل على الحريري وابتزازه للتسليم بشروطه، ويعزو السبب إلى أن استقالة النواب المسيحيين المنتمين إلى الكتل لن تؤدي إلى حل المجلس النيابي تمهيداً للدعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة لأن عدد النواب المستقيلين في حال تجاوب حزب «القوات» مع باسيل لا يدفع باتجاه حل البرلمان لأن عددهم يبقى تحت السقف المطلوب لحله وسيبادر رئيسه نبيه بري إلى الطلب من حكومة تصريف الأعمال تحديد موعد لإجراء انتخابات نيابية فرعية لملء الشغور في المقاعد النيابية.
ويؤكد أن حل البرلمان يتطلب استقالة نصف أعضائه (زائد واحد) أي 65 نائباً، وهذا العدد لن يتوافر لإجراء انتخابات مبكرة، ويقول إن الاستقالات في حال حصولها، مع أنها مستبعدة، لا تعني أن المستقيلين يتوافقون على الأهداف المرجوّة من استقالتهم، ويعزو السبب إلى أن باسيل يريد التخلص من تكليف الحريري باعتبار أن تكليفه يسقط حكماً مع انتخاب برلمان جديد، فيما يتوخى «القوات» و«الكتائب» من الانتخابات المبكرة إعادة إنتاج سلطة جديدة.
ويلفت إلى أن تهويل باسيل باستقالة نواب «تكتل لبنان القوي» يبقى في حدود «تهبيط الحيطان» لأن هناك استحالة إجراء انتخابات مبكرة فيما ارتكبت حكومة تصريف الأعمال مخالفة دستورية بامتناعها عن توجيه الدعوة للهيئات الناخبة لملء الشغور النيابي بانتخاب 8 نواب جدد خلفاً للمستقيلين واثنين خلفاً للنائبين المتوفيين، إضافة إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نجح في سحب الدعوة لانتخابات مبكرة أثناء اجتماعه بالقيادات اللبنانية في قصر الصنوبر بذريعة أن الأولوية يجب أن تُعطى لحكومة مهمة لإنقاذ لبنان.
ويرى المصدر النيابي أن تهويل باسيل باستقالة نواب كتلته هو هروب إلى الأمام لأن الأولوية يجب أن تكون لتشكيل الحكومة، ويقول إن مجرد لجوئه إلى وضعها موضع التنفيذ يعني أنه أقدم على قفزة في المجهول وسيصطدم برئيس المجلس، خصوصاً أن حليفه «حزب الله» لن ينضم إليه ويفضّل الوقوف وراء حليفه الاستراتيجي الرئيس بري.
ويقول إن باسيل ينطلق في تهويله بالاستقالة من البرلمان من أن عامل الوقت لن يكون لصالحه وأن «العهد القوي» مع مرور الزمن لن يشكّل له رافعة يوظّفها لإعادة تعويم نفسه، وبالتالي من الأفضل الضغط لإجراء انتخابات مبكرة في القريب العاجل قبل أن يقترب البرلمان من الفترة الزمنية التي لا تجيز إتمامها، أي لحظة دخوله في الأشهر الستة من انتهاء ولايته.
ويضيف أن باسيل وإن كان يتعامل مع التطورات الجارية في المنطقة على أنها ستتيح له تحسن شروطه في التسوية، فإنه يفتقد القدرة التي تسمح له بأن يقلب الطاولة على رؤوس الجميع؛ لأن هناك من يقف له بالمرصاد، خصوصاً في ضوء استعداد بري للقيام بشطحة سياسية باتجاه رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، وإنما هذه المرة بالتناغم مع البطريرك بشارة الراعي يراد منها اختراق الجمود الذي يعوق تشكيل الحكومة.
ويعتبر أن الكرة الآن في ملعب عون والحريري مع الفارق في رمي المسؤولية عليهما في مسألة تعطيل تشكيل الحكومة بعد أن تمكّن بري من استيعاب رسالة عون إلى البرلمان ورد الثاني عليها وصولاً إلى حشرهما لتقديم التسهيلات المطلوبة لتشكيلها التزاماً بالمبادرة الفرنسية وبالإطار العام الذي رسمه الرئيس المكلف الذي سيعود قريباً إلى بيروت قادماً من أبوظبي لإعادة تحريك المشاورات.
لذلك لن يدير باسيل ظهره للنصائح التي أسداها له عدد من نواب كتلته؛ لأنه في ظل التأزُّم المسيطر على البلد واتهامه بتعطيل تشكيل الحكومة لا مصلحة له بإجراء انتخابات مبكرة يمكن أن تشكّل محطة لاختبار الإحجام في الشارع المسيحي في ضوء تراجع شعبيته واحتمال خفض عدد نوابه، وهذا ما ينعكس على طموحاته الرئاسية.
محمد شقير “الشرق الأوسط”